رِوَايَةِ هَمَّامٍ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: فَأَمَرَ عِشْرِينَ رَجُلًا فَجَلَدَهُ كُلُّ رَجُلٍ جَلْدَتَيْنِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ.
الْأَوَّلُ: حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ وقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تُرْجِمَ لَهُ.
الثَّانِي: حَدِيثُ أَنَسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ جَلَدَ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ بِلَفْظِ ضَرَبَ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَعْنَى جَلَدَ هُنَا ضَرَبَهُ فَأَصَابَ جِلْدَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ضَرْبَهُ بِالْجِلْدِ.
الثَّالِثُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَوْلُهُ: (أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ) يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ) هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، فَنُسِبَ إِلَى جَدِّهِ الْأَعْلَى، وَهُوَ وَشَيْخُهُ وَشَيْخُ شَيْخِهِ مَدَنِيُّونَ تَابِعِيُّونَ، وَوَقَعَ فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ: أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) أَيِ ابْنِ الْحَارِثِ بْنِ خَالِدٍ التَّيْمِيِّ، زَادَ فِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ.
قَوْلُهُ: (أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ) فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ: بِسَكْرَانَ وَهَذَا الرَّجُلُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسَّرَ بِعَبْدِ اللَّهِ الَّذِي كَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسَّرَ بِابْنِ النُّعَيْمَانِ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِأَنَّ فِي قِصَّتِهِ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ وَنَحْوَهُ فِي قِصَّةِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَكِنَّ لَفْظَهُ: قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللَّهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ثَالِثًا؛ فَإِنَّ الْجَوَابَ فِي حَدِيثَيْ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ مُخْتَلِفٌ، وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِنَشْوَانَ فَأُمِرَ بِهِ فَنُهِزَ بِالْأَيْدِي وَخُفِقَ بِالنِّعَالِ الْحَدِيثَ.
وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ: كَانَ الَّذِي يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَبَعْضِ إِمَارَةِ عُمَرَ يَضْرِبُونَهُ بِأَيْدِيهِمْ وَنِعَالِهِمْ وَيَصُكُّونَهُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ اضْرِبُوهُ) هَذَا يُفَسِّرُ الرِّوَايَةَ الْآتِيَةَ بِلَفْظِ: فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِمَا عَدَدًا.
قَوْلُهُ: (قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ) فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ: فَقَالَ رَجُلٌ وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مُتَّحِدَةً مَعَ حَدِيثِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ حِمَارٍ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ.
قَوْلُهُ: (لَا تَقُولُوا هَكَذَا، لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ) فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: لَا تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ، وَوَجْهُ عَوْنِهِمُ الشَّيْطَانَ بِذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُرِيدُ بِتَزْيِينِهِ لَهُ الْمَعْصِيَةَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ الْخِزْيُ فَإِذَا دَعَوْا عَلَيْهِ بِالْخِزْيِ فَكَأَنَّهُمْ قَدْ حَصَّلُوا مَقْصُودَ الشَّيْطَانِ.
وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وَابْنِ لَهِيعَةَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ نَحْوُهُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَلَكِنْ قُولُوا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، زَادَ فِيهِ أَيْضًا بَعْدَ الضَّرْبِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَصْحَابِهِ: بَكِّتُوهُ، وَهُوَ أَمْرٌ بِالتَّبْكِيتِ وَهُوَ مُوَاجَهَتُهُ بِقَبِيحِ فِعْلِهِ، وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْخَبَرِ بِقَوْلِهِ: فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ يَقُولُونَ لَهُ: مَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ ﷿، مَا خَشِيتَ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، مَا اسْتَحْيَتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ أَرْسَلُوهُ.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ الضَّرْبِ ثُمَّ قَالَ ﵊: بَكِّتُوهُ فَبَكَّتُوهُ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ مَنْعُ الدُّعَاءِ عَلَى الْعَاصِي بِالْإِبْعَادِ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ كَاللَّعْنِ، وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الحديث الرابع.
قَوْلُهُ: (سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَأَبُو حَصِينٍ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحٌ أَوَّلَهُ، وَعُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ بِالتَّصْغِيرِ وَأَبُوهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ ثِقَةٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ هَكَذَا، وَوَقَعَ فِي الْجَمْعِ لِلْحُمَيْدِيِّ سَعْدٍ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَهُوَ غَلَطٌ، وَوَقَعَ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ: عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِحَذْفِ الْيَاءِ فِيهِمَا وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ.
قُلْتُ: وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنَ الْبُخَارِيِّ كَمَا ذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي تَقْيِيدِ أَبِي عَلِيٍّ الْجَيَّانِيِّ مَنْسُوبًا لِأَبِي زَيْدٍ