عَلِيٍّ فَوَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ حُجَبةَ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّ عَلِيًّا قَطَعَ مِنَ الْمَفْصِلِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَطَعَ مِنَ الْمَفْصِلِ، وَأَوْرَدَهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ حَدِّ السَّرِقَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ رَجَاءٍ، عَنْ عَدِيٍّ رَفَعَهُ مِثْلَهُ.
وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ مِثْلَهُ، وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَقْطَعُ مِنَ الْمَفْصِلِ وَعَلِيٌّ يَقْطَعُ مِنْ مُشْطِ الْقَدَمِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي حَيْوَةَ أَنَّ عَلِيًّا قَطَعَهُ مِنَ الْمَفْصِلِ، وَجَاءَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَطَعَ الْيَدَ مِنَ الْأَصَابِعِ وَالرِّجْلَ مِنْ مُشْطِ الْقَدَمِ، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَإِنْ كَانَ رِجَالُ السَّنَدِ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقْطَعُ الرِّجْلَ مِنَ الْكَعْبِ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقْطَعُ مِنْ يَدِ السَّارِقِ الْخِنْصِرَ وَالْبِنْصِرَ وَالْوُسْطَى خَاصَّةً وَيَقُولُ: أَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَتْرُكَهُ بِلَا عَمَلٍ، وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَ الْإِبْهَامُ وَالسَّبَّابَةُ وَقَطَعَ الْكَفَّ وَالْأَصَابِعَ الثَّلَاثَةَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَ الْكَفُّ أَيْضًا وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ قَطَعَ مِنَ الْكَفِّ، وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِحَذْفِ مِنْ بِلَفْظِ وَقَطَعَ عَلِيٌّ الْكَفَّ
قَوْلُهُ: (وَقَالَ قَتَادَةُ فِي امْرَأَةٍ سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ شِمَالُهَا: لَيْسَ إِلَّا ذَلِكَ) وَصَلَهُ أَحْمَدُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ عَنْهُ، هَكَذَا قَرَأْتُ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ فِي شَرْحِهِ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فَذَكَرَ مِثْلَ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ: لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ قَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ.
وَكَانَ سَاقَ بِسَنَدِهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ سَارِقٍ قُدِّمَ لِيُقْطَعَ فَقَدَّمَ شِمَالَهُ فَقُطِعَتْ فَقَالَ: لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِهِ إِلَى أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ يُقْطَعُ مِنَ السَّارِقِ الْيَدُ الْيُمْنَى وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: هِيَ قِرَاءَتُنَا يَعْنِي أَصْحَابَ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَنَقَلَ فِيهِ عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ وَتُعُقِّبَ، نَعَمْ قَدْ شَذَّ مَنْ قَالَ: إِذَا قُطِعَ الشِّمَالُ أَجْزَأَتْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ عَنْ قَتَادَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ عَمْدًا وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاطِعِ وَوَجَبَ قَطْعُ الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً وَجَبَتِ الدِّيَةُ وَيُجْزِئُ عَنِ السَّارِقِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَعَنِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ قَوْلَانِ فِي السَّارِقِ، وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيمَنْ سَرَقَ فَقُطِعَ ثُمَّ سَرَقَ ثَانِيًا فَقَالَ الْجُمْهُورُ: تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَالْيَدُ الْيُسْرَى، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَالرِّجْلُ الْيُمْنَى، وَاحْتُجَّ لَهُمْ بِآيَةِ الْمُحَارَبَةِ وَبِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَبِأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنَ الْآيَةِ أَنَّهَا فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فَإِذَا عَادَ السَّارِقُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ ثَانِيًا إِلَى أَنْ لَا يَبْقَى لَهُ مَا يُقْطَعُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ عُزِّرَ وَسُجِنَ، وَقِيلَ: يُقْتَلُ فِي الْخَامِسَةِ قَالَهُ أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ صَاحِبُ مَالِكٍ، وَحُجَّتُهُ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: جِيءَ بِسَارِقٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: اقْتُلُوهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا سَرَقَ، قَالَ: اقْطَعُوهُ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: اقْتُلُوهُ - فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَى أَنْ قَالَ - فَأُتِيَ بِهِ الْخَامِسَةَ فَقَالَ: اقْتُلُوهُ.
قَالَ جَابِرٌ: فَانْطَلَقْنَا بِهِ فَقَتَلْنَاهُ وَرَمَيْنَاهُ فِي بِئْرٍ، قَالَ النَّسَائِيُّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَمُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ رَاوِيهِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ كَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَالشَّافِعِيِّ: إِنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فَكَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبُ الْقَتْلِ وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ مِنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ.
قُلْتُ: وَلِلْحَدِيثِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بن حَاطِبٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُتِيَ بِلِصٍّ فَقَالَ: اقْتُلُوهُ، فَقَالُوا: إِنَّمَا سَرَقَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي قَطْعِ أَطْرَافِهِ الْأَرْبَعِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ: ثُمَّ سَرَقَ الْخَامِسَةَ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَعْلَمَ بِهَذَا حِينَ قَالَ: اقْتُلُوهُ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَتَلُوهُ. قَالَ