للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بْنِ سُلَيْمَانَ، فِيهِ زِيَادَةُ قِصَّةٍ فِي السَّنَدِ، وَلَفْظُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ قَدَحًا فَأُتِيَ بِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: قَالَ أَبِي: إِنَّ الْيَدَ لَا تُقْطَعُ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ، وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَهَكَذَا رَوَاهُ وَكِيعٌ وَغَيْرُهُ عَنْ هِشَامٍ لَكِنْ أَرْسَلَهُ كُلَّهُ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْطَعْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا فِي ثَمَنِ مِجَنٍّ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ) الْمِجَنُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ مِفْعَلٌ مِنَ الِاجْتِنَانِ، وَهُوَ الِاسْتِتَارُ مِمَّا يُحَاذِرهُ الْمُسْتَتِرُ، وَكُسِرَتْ مِيمُهُ لِأَنَّهُ آلَةٌ فِي ذَلِكَ، وَالْحَجَفَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ ثُمَّ فَاءٌ هِيَ الدَّرَقَةُ، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ عَظْمٍ وَتُغَلَّفُ بِالْجِلْدِ أَوْ غَيْرِهِ، وَالتُّرْسُ مِثْلُهُ لَكِنْ يُطَارَقُ فِيهِ بَيْنَ جِلْدَيْنِ، وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ أَوْ فِي الْخَبَرِ لِلشَّكِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ هِشَامٍ الَّتِي تَلِي رِوَايَةَ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِلَفْظِ: فِي أَدْنَى ثَمَنِ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذُو ثَمَنٍ، وَالتَّنْوِينُ فِي قَوْلِهِ: ثَمَنٍ لِلتَّكْثِيرِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ ثَمَنٌ يُرْغَبُ فِيهِ، فَأُخْرِجَ الشَّيْءُ التَّافِهُ كَمَا فَهِمَهُ عُرْوَةُ رَاوِي الْخَبَرِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ تُرْسًا بِعَيْنِهِ وَلَا حَجَفَةً بِعَيْنِهَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْجِنْسُ وَأَنَّ الْقَطْعَ كَانَ يَقَعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَبْلُغُ قَدْرَ ثَمَنِ الْمِجَنِّ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَالِاعْتِمَادُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْأَقَلِّ فَيَكُونُ نِصَابًا وَلَا يُقْطَعُ فِيمَا دُونَهُ، وَرِوَايَةُ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ جَامِعَةٌ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَوَّلًا، وَقَوْلُهُ فِيهَا: كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَا ثَمَنٍ كَذَا ثَبَتَ فِي الْأُصُولِ، وَأَفَادَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذُو ثَمَنٍ بِالرَّفْعِ وَخَرَّجَهُ عَلَى تَقْدِيرِ ضَمِيرِ الشَّأْنِ فِي كَانَ.

قَوْلُهُ: (رَوَاهُ وَكِيعٌ، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا) أَمَّا رِوَايَةُ وَكِيعٍ فَأَخْرَجَهَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْهُ، وَلَفْظُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ السَّارِقُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ يُقْطَعُ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ، وَكَانَ الْمِجَنُّ يَوْمئِذٍ لَهُ ثَمَنٌ وَلَمْ يَكُنْ يُقْطَعُ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ إِدْرِيسَ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ، فَأَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى، عَنْ جَرِيرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، وَوَكِيعٍ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ يَدَ السَّارِقِ لَمْ تُقْطَعْ فَذَكَرَ مِثْلَ سِيَاقِ أَبِي أُسَامَةَ سَوَاءً وَزَادَ: وَلَمْ يَكُنْ يُقْطَعُ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ وَقَرَأْتُ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا ابْنُ الْمُلَقِّنِ أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ إِدْرِيسَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ كَذَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَوَصَلَهُ أَيْضًا عَنْ هِشَامٍ، عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، وَعُثْمَانُ الْغَطَفَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَبِيصَةَ الْفَزَارِيُّ، وَأَرْسَلَهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَجَرِيرٌ.

قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرْتُ رِوَايَةَ جَرِيرٍ، وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحِيمِ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ؛ فَقِيلَ عَنْهُ مُرْسَلًا، وَوَصَلَهُ عَنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

(تَنْبِيهٌ): لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي هَذَا الْمَتْنِ، وَأَمَّا الزُّهْرِيُّ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي سَنَدِهِ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِي الْمَتْنِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ حَافِظٌ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُرْوَةُ حَدَّثَهُ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ عُرْوَةَ هُوَ الَّذِي حَفِظَهُ هِشَامٌ عَنْهُ، وَحَمَلَ يُونُسُ حَدِيثَ عُرْوَةَ عَلَى حَدِيثِ عَمْرَةَ فَسَاقَهُ عَلَى لَفْظِ عَمْرَةَ، وَهَذَا يَقَعُ لَهُمْ كَثِيرًا، وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ أَنَّ النَّسَائِيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ وَحْدَهُ، عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ مَبْرُورٍ، عَنْ يُونُسَ بِهَذَا السَّنَدِ، لَكِنَّ لَفْظَ الْمَتْنِ: أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْرَدَهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَمْ يَرْوِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِلَّا نَافِعٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ) يَعْنِي عَنْ نَافِعٍ أَيْ فِي قَوْلِهِ: ثَمَنُهُ وَرِوَايَتُهُ مَوْصُولَةٌ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ