للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَالِكٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ، وَهُوَ ابْنُ أَسْمَاءَ مِثْلَ هَذَا السِّيَاقِ سَوَاءً، وَمِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهُوَ ابْنُ عُمَرَ أَيِ الْعُمَرِيُّ مِثْلَهُ، وَمِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ: قَطَعَ النَّبِيُّ يَدَ سَارِقٍ مِثْلَهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ قِيمَتُهُ) يَعْنِي أَنَّ اللَّيْثَ رَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ كَالْجَمَاعَةِ لَكِنْ قَالَ قِيمَتُهُ بَدَلَ قَوْلِهِمْ ثَمَنُهُ، وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ وَصَلَهَا مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَمِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَمَالِكٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: ثَمَنُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قِيمَتُهُ، هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُمَيِّزْ.

وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ سَرَقَ تُرْسًا مِنْ صيغةِ النِّسَاءِ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ وَحْدَهُ بِلَفْظِ ثَمَنُهُ وَمِنْ طَرِيقِ مَخْلَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حَنْظَلَةَ بِلَفْظِ قِيمَتُهُ فَوَافَقَ اللَّيْثَ فِي قَوْلِهِ: قِيمَتُهُ لَكِنْ خَالَفَ الْجَمِيعَ فَقَالَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَقَوْلُ الْجَمَاعَةِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ هُوَ الْمَحْفُوظُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ وَمِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ وَمِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ قَالَ مِثْلَهُ، وَمِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِلَفْظِ: أُتِيَ بِرَجُلٍ سَرَقَ حَجَفَةً قِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَقَطَعَهُ.

(تَنْبِيهٌ): قَوْلُهُ: قَطَعَ مَعْنَاهُ أَمَرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُبَاشِرُ الْقَطْعَ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ أَنَّ بِلَالًا هُوَ الَّذِي بَاشَرَ قَطْعَ يَدِ الْمَخْزُومِيَّةِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي كَانَ مُوكَلًا بِذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ غَيْرُهُ.

وَقَوْلُهُ: قِيمَتُهُ قِيمَةُ الشَّيْءِ مَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ الرَّغْبَةُ فِيهِ، وَأَصْلُهُ قِوْمَةٌ فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ يَاءً لِوُقُوعِهَا بَعْدَ كَسْرَةٍ، وَالثَّمَنُ مَا يُقَابَلُ بِهِ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْبَيْعِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْقِيمَةُ، وَأَنَّ مَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ الثَّمَنِ إِمَّا تَجَوُّزًا وَإِمَّا أَنَّ الْقِيمَةَ وَالثَّمَنَ كَانَا حِينَئِذٍ مُسْتَوِيَيْنِ.

قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الْقِيمَةُ وَالثَّمَنُ قَدْ يَخْتَلِفَانِ وَالْمُعْتَبَرُ إِنَّمَا هُوَ الْقِيمَةُ، وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِالثَّمَنِ لِكَوْنِهِ صَادَفَ الْقِيمَةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي ظَنِّ الرَّاوِي أَوْ بِاعْتِبَارِ الْغَلَبَةِ.

وَقَدْ تَمَسَّكَ مَالِكٌ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي اعْتِبَارِ النِّصَابِ بِالْفِضَّةِ، وَأَجَابَ الشَّافِعِيَّةُ وَسَائِرُ مَنْ خَالَفَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي طُرُقِهِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَأَوْرَدَ الطَّحَاوِيُّ حَدِيثَ سَعْدٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ ابْنُ مَالِكٍ أَيْضًا وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَلَفْظُهُ: لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ إِلَّا فِي الْمِجَنِّ، قَالَ: فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ، وَلَكِنِ اخْتُلِفَ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ.

ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ قِيمَةُ الْمِجَنِّ الَّذِي قَطَعَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ.

قَالَ: فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يُقْطَعَ إِلَّا فِيمَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآثَارُ وَهُوَ عَشَرَةٌ، وَلَا يُقْطَعُ فِيمَا دُونَهَا لِوُجُودِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ فِي الدَّرَاهِمِ لَمْ يُسَلَّمْ فِي النَّصِّ الصَّرِيحِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ، وَدُفِعَ مَا أَعَلَّهُ بِهِ.

وَالْجَمْعُ بَيْنَ مَا اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ مُمْكِنٌ بِالْحَمْلِ عَلَى اخْتِلَافِ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ أَوْ عَلَى تَعَدُّدِ الْمَجَانِّ الَّتِي قَطَعَ فِيهَا وَهُوَ أَوْلَى.

وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الِاسْتِدْلَالُ بِقَوْلِهِ: قَطَعَ فِي مِجَنٍّ عَلَى اعْتِبَارِ النِّصَابِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ حِكَايَةُ فِعْلٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْقَطْعِ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ عَدَمُ الْقَطْعِ فِيمَا دُونَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: يُقْطَعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا، فَإِنَّهُ بِمَنْطُوقِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ فِيمَا إِذَا بَلَغَهُ، وَكَذَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ، وَبِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ، قَالَ: وَاعْتِمَادُ الشَّافِعِيِّ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ وَهُوَ قَوْلٌ أَقْوَى فِي الِاسْتِدْلَالِ مِنَ الْفِعْلِ الْمُجَرَّدِ، وَهُوَ قَوِيٌّ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي