للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شَهَادَاتٍ) فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَفِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ الْمَذْكُورَةِ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ قَالَ: فَبِمَ أُطَهِّرُكَ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ: فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكٍ قَالَ: فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ، وَفِي أُخْرَى: مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.

قَالَ شُعْبَةُ: قَالَ سِمَاكٌ: فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ: إِنَّهُ رَدَّهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.

وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا: فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ; أَمَّا رِوَايَةُ مَرَّتَيْنِ فَتُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ اعْتَرَفَ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمٍ وَمَرَّتَيْنِ فِي يَوْمٍ آخَرَ لِمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ بُرَيْدَةَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَاقْتَصَرَ الرَّاوِي عَلَى أَحَدِهِمَا، أَوْ مُرَادُهُ اعْتَرَفَ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ فَيَكُونُ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْنِ، وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا مَرَّتَيْنِ فَطَرَدَهُ، ثُمَّ جَاءَ فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا مَرَّتَيْنِ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الثَّلَاثِ فَكَأَنَّ الْمُرَادَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَرَّاتِ الَّتِي رَدَّهُ فِيهَا، وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَإِنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ بَلِ اسْتَثْبَتَ فِيهِ وَسَأَلَ عَنْ عَقْلِهِ، لَكِنْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الصَّامِتِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْبَاتَ فِيهِ إِنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَلَفْظُهُ: جَاءَ الْأَسْلَمِيُّ فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَصَابَ امْرَأَةً حَرَامًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ، فَأَقْبَلَ فِي الْخَامِسَةِ فَقَالَ: تَدْرِي مَا الزَّانِي؟ إِلَى آخِرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَامِسَةِ الصِّفَةُ الَّتِي وَقَعَتْ مِنْهُ عِنْدَ السُّؤَالِ وَالِاسْتِثْبَاتِ، لِأَنَّ صِفَةَ الْإِعْرَاضِ وَقَعَتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَصِفَةُ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِ لِلسُّؤَالِ وَقَعَتْ بَعْدَهَا.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فِي الطَّلَاقِ: وَهَلْ بِكَ جُنُونٌ؟.

وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فَسَأَلَ: أَبِهِ جُنُونٌ؟ فَأُخْبِرَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ، وَفِي لَفْظٍ: فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ إِلَّا وَفِيَّ الْعَقْلِ مِنْ صَالِحِينَا، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: ثُمَّ سَأَلَ قَوْمَهُ فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا إِلَّا أَنَّهُ أَصَابَ شَيْئًا يَرَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يُقَامَ فِيهِ الْحَدُّ لِلَّهِ.

وَفِي مُرْسَلِ أَبِي سَعِيدٍ: بَعَثَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ: أَشْتَكَى بِهِ جِنَّةً؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَصَحِيحٌ.

وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ سَأَلَهُ ثُمَّ سَأَلَ عَنْهُ احْتِيَاطًا، فَإِنَّ فَائِدَةَ سُؤَالِهِ أَنَّهُ لَوِ ادَّعَى الْجُنُونَ لَكَانَ فِي ذَلِكَ دَفْعٌ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُ دَعْوَاهُ، فَلَمَّا أَجَابَ بِأَنَّهُ لَا جُنُونَ بِهِ سَأَلَ عَنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَلَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ، وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ قَالَ: كَانَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أَبِي، فَأَصَابَ جَارِيَةً مِنَ الْحَيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعْتَ لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ لَكَ وَرَجَاءَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَخْرَجٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ عِيَاضٌ: فَائِدَةُ سُؤَالِهِ: أَبِكَ جُنُونٌ سَتْرا لِحَالِهِ وَاسْتِبْعَادُ أَنْ يُلِحَّ عَاقِلٌ بِالِاعْتِرَافِ بِمَا يَقْتَضِي إِهْلَاكَهُ، وَلَعَلَّهُ يَرْجِعُ عَنْ قَوْلِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ سَمِعَهُ وَحْدَهُ، أَوْ لِيُتِمَّ إِقْرَارَهُ أَرْبَعًا عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُهُ.

وَأَمَّا سُؤَالُهُ قَوْمَهُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَمُبَالَغَةٌ فِي الِاسْتِثْبَاتِ وَتَعَقَّبَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ قَوْلَهُ: أَوْ لِأَنَّهُ سَمِعَهُ وَحْدَهُ بِأَنَّهُ كَلَامٌ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي نَفْسِ الْخَبَرِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ فِي الْمَسْجِدِ.

قُلْتُ: وَيُرَدُّ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ انْفِرَادَهُ بِسَمَاعِ إِقْرَارِ الْمُقِرِّ كَافٍ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ اتِّفَاقًا؛ إِذْ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَفِيهِ احْتِمَالٌ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: فَهَلْ أَحْصَنْتَ؟) أَيْ تَزَوَّجْتَ، هَذَا مَعْنَاهُ جَزْمًا هُنَا، لِافْتِرَاقِ الْحُكْمِ فِي حَدِّ مَنْ تَزَوَّجَ وَمَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: نَعَمْ) زَادَ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَبْلَ هَذَا أَشَرِبْتَ خَمْرًا؟ قَالَ لَا وَفِيهِ: فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحًا، وَزَادَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي قَرِيبًا: لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ - بِمُعْجَمَةٍ وَزَايٍ - أَوْ نَظَرْتَ، أَيْ فَأَطْلَقْتَ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ زِنًا وَلَكِنَّهُ لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ قَالَ: لَا، وَفِي حَدِيثِ نُعَيْمٍ: فَقَالَ: هَلْ ضَاجَعْتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَهَلْ بَاشَرْتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ جَامَعْتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ