قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: يُرِيدُ إِذَا حَبِلَتْ مِنْ زِنًا عَلَى الْإِحْصَانِ ثُمَّ وَضَعَتْ، فَأَمَّا وَهِيَ حُبْلَى فَلَا تُرْجَمُ حَتَّى تَضَعَ.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: مَعْنَى التَّرْجَمَةِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْحُبْلَى رَجْمٌ أَوْ لَا، وَقَدِ اسْتَقَرَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهَا لَا تُرْجَمُ حَتَّى تَضَعَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وكَذَا لَوْ كَانَ حَدُّهَا الْجَلْدَ لَا تُجْلَدُ حَتَّى تَضَعَ، وَكَذَا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهَا قِصَاصٌ وَهِيَ حَامِلٌ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا حَتَّى تَضَعَ بِالْإِجْمَاعِ فِي كُلِّ ذَلِكَ اهـ.
وَقَدْ كَانَ عُمَرُ أَرَادَ أَنْ يَرْجُمَ الْحُبْلَى فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَاخْتُلِفَ بَعْدَ الْوَضْعِ فَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا وَضَعَتْ رُجِمَتْ وَلَا يُنْتَظَرُ أَنْ يُكْفَلَ وَلَدُهَا، وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: لَا تُرْجَمُ حِينَ تَضَعُ حَتَّى تَجِدَ مَنْ يَكْفُلُ وَلَدَهَا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَزَادَ الشَّافِعِيُّ: لَا تُرْجَمُ حَتَّى تُرْضِعَ اللِّبَأُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: أَنَّ امْرَأَةً جُهَنِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا، فَذَكَرَتْ أَنَّهَا زَنَتْ فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُدَ حَتَّى تَضَعَ، فَلَمَّا وَضَعَتْ أَتَتْهُ فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ.
وَعِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ غَامِدٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي (فَقَالَتْ إِنَّهَا حُبْلَى مِنَ الزِّنَا) فَقَالَ لَهَا: حَتَّى تَضَعِي، فَلَمَّا وَضَعَتْ قَالَ: لَا نَرْجُمُهَا وَتَضَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِلَيَّ رَضَاعُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَرَجَمَهَا، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فَأَرْضَعَتْهُ حَتَّى فَطَمَتْهُ وَدَفَعَتْهُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجَمَهَا وَجُمِعَ بَيْنَ رِوَايَتَيْ بُرَيْدَةَ بِأَنَّ فِي الثَّانِيَةِ زِيَادَةً فَتُحْمَلُ الْأُولَى عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: إِلَيَّ إِرْضَاعُهُ أَيْ تَرْبِيَتُهُ، وَجُمِعَ بَيْنَ حَدِيثَيْ عِمْرَانَ، وَبُرَيْدَةَ أَنَّ الْجُهَنِيَّةَ كَانَ لِوَلَدِهَا مَنْ يُرْضِعُهُ بِخِلَافِ الْغَامِدِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ صَالِحٍ) وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ، وَوَقَعَ كَذَلِكَ عِنْدَ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِسَنَدِهِ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ.
قَوْلُهُ: (عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَخْبَرَهُ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ أَحَدٍ مِنْهُمْ غَيْرِهِ، زَادَ مَالِكٌ فِي رِوَايَتِهِ: فِي خِلَافَةِ عُمَرَ فَلَمْ أَرَ رَجُلًا يَجِدُ مِنَ الْأُقَشْعَرِيرَةِ مَا يَجِدُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ. قَالَ الدَّاوُدِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ التِّينِ: مَعْنَى قَوْلِهِ: كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا أَيْ أَتَعَلَّمُ مِنْهُمُ الْقُرْآنُ، لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ عِنْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ ﷺ إِنَّمَا حَفِظَ الْمُفَصَّلَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ خُرُوجٌ عَنِ الظَّاهِرِ بَلْ عَنِ النَّصِّ، لِأَنَّ قَوْلَهُ أُقْرِئُ بِمَعْنَى أُعَلِّمُ.
قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُ التَّعَقُّبَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَنَحْنُ بِمِنًى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؛ أُعَلِّمُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ الْقُرْآنَ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذَكِيًّا سَرِيعَ الْحِفْظِ، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالْجِهَادِ لَمْ يَسْتَوْعِبُوا الْقُرْآنَ حِفْظًا، وَكَانَ مَنِ اتَّفَقَ لَهُ ذَلِكَ يَسْتَدْرِكْهُ بَعْدَ الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ وَإِقَامَتِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، فَكَانُوا يَعْتَمِدُونَ عَلَى نُجَبَاءِ الْأَبْنَاءِ فَيُقْرِؤونَهُمْ تَلْقِينًا لِلْحِفْظِ.
قَوْلُهُ: (فَبَيْنَمَا أَنَا بِمَنْزِلِهِ بِمِنًى وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَأَتَيْتُهُ فِي الْمَنْزِلِ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى جَاءَ.
قَوْلُهُ: (فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا) يَعْنِي عُمَرَ، كَانَ ذَلِكَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ.
قَوْلُهُ: (لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ.
قَوْلُهُ: (هَلْ لَكَ فِي فُلَانٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ أَيْضًا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، وَلَفْظُهُ: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ ذَكَرَا بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ.
قَوْلُهُ: (لَقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا) هُوَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى غُفْرَةَ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ قَالَا: قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مَالٌ - فَذَكَرَ قِصَّةً طَوِيلَةً فِي قَسْمِ الْفَيْءِ ثُمَّ قَالَ - حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ