للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَاخْتُلِفَ إِذَا اخْتَارَ الدِّيَةَ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ إِجَابَتُهُ؟ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى ذَلِكَ، وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَجِبُ إِلَّا بِرِضَا الْقَاتِلِ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ قُتِلَ لَهُ بِأَنَّ الْحَقَّ يَتَعَلَّقُ بِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ، فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا أَوْ طِفْلًا لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِينَ الْقِصَاصُ حَتَّى يَبْلُغَ الطِّفْلُ وَيَقْدَمَ الْغَائِبُ.

قَوْلُهُ: (إِمَّا أَنْ يُودِيَ) بِسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ يُعْطِيَ الْقَاتِلُ أَوْ أَوْلِيَاؤُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الدِّيَةَ (وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ) أَيْ يُقْتَلُ بِهِ، وَوَقَعَ فِي الْعِلْمِ بِلَفْظِ: إِمَّا أَنْ يَعْقِلَ بَدَلَ إِمَّا أَنْ يُودِيَ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، وَالْعَقْلُ الدِّيَةُ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي اللُّقَطَةِ: إِمَّا أَنْ يُفْدِيَ بِالْفَاءِ بَدَلَ الْوَاوِ، وَفِي نُسْخَةٍ وَإِمَّا أَنْ يُعْطِيَ أَيِ الدِّيَةَ.

وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ، عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: إِمَّا أَنْ يُودِيَ أَوْ يُفَادِي، وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالْفَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِ الدِّيَةِ، وَلَوْ كَانَ بِالْقَافِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ لَذُكِرَا بِالتَّثْنِيَةِ أَيْ يُقَادَا بِقَتِيلِهِمَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ، قَالَ: وَصَحِيحُ الرِّوَايَةِ إِمَّا أَنْ يُودِيَ أَوْ يُقَادَ وَإِنَّمَا يَصِحُّ يُقادَى إِنْ تَقَدَّمَهُ أَنْ يُقْتَصَّ.

وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ إِيقَاعِ الْقِصَاصِ بِالْحَرَمِ لِأَنَّهُ خَطَبَ بِذَلِكَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِغَيْرِ الْحَرَمِ، وَتَمَسَّكَ بِعُمُومِهِ مَنْ قَالَ يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ وَقَدْ سَبَقَ مَا فِيهِ.

قَوْلُهُ: (فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شَاهْ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ مَعَ شَرْحِهِ فِي الْعِلْمِ، وَحَكَى السَّلَفِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ نَطَقَ بِهَا بِتَاءٍ فِي آخِرِهِ وَغَلَّطَهُ وَقَالَ هُوَ فَارِسِيٌّ مِنْ فُرْسَانِ الْفُرْسِ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ كِسْرَى إِلَى الْيَمَنِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ) تَقَدَّمَ بَيَانُ اسْمِهِ وَأَنَّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَشُرِحَ بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ الْمُتَعَلِّقِ بِتَحْرِيمِ مَكَّةَ وَبِالْإِذْخِرِ فِي الْأَبْوَابِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ.

قَوْلُهُ: (وَتَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ) يَعْنِي ابْنَ مُوسَى.

قَوْلُهُ: (عَنْ شَيْبَانَ فِي الْفِيلِ) أَيْ تَابِعُ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى فِي الْفِيلِ بِالْفَاءِ، وَرِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورَةُ مَوْصُولَةٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ: الْقَتْلَ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ جَزَمَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ: الْقَتْلُ، وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَرَوَاهُ عَنْهُ بِالشَّكِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ) أَيْ يُؤْخَذُ لَهُمْ بِثَأْرِهِمْ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مُوسَى الْمَذْكُورُ، وَرِوَايَتُهُ إِيَّاهُ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْهُ مَوْصُولَةٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَمَا بَيَّنْتُهُ وَلَفْظُهُ: إِمَّا أَنْ يُعْطِيَ الدِّيَةَ وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ وَهُوَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ: إِمَّا أَنْ يُقَادَ.

الحديث الثاني، قَوْلُهُ: (عَنْ عَمْرٍو) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ.

قَوْلُهُ: (عَنْ مُجَاهِدٍ) وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو سَمِعْتُ مُجَاهِدًا.

قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ هَكَذَا وَصَلَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَهُوَ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي عَمْرٍو، وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَمْرٍو فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.

قَوْلُهُ: (كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ) كَذَا هُنَا مِنْ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّفْسِيرِ وَهُوَ أَوْجَهُ، وَكَأَنَّهُ أَنَّثَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْقِصَاصِ وَهُوَ الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُسَاوَاةُ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ قُلْتُ: كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ، وَوَقَعَ هُنَا عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ وَالْأَكْثَرُ، وَوَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ، وَالْقَابِسِيِّ إِلَى قَوْلِهِ ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ فِي مُسْنَدِهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ إِلَى قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْمُرَادُ، وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ﴾ فِي آيَةٍ تَلِي الْآيَةَ الْمُبْدَأَ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ وَغَيْرِهِ عَنْ سُفْيَانَ فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْقَتْلَى: فَقَرَأَ إِلَى ﴿وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ﴾، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ