أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِيهِ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُلَيَّةَ: عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ وَفِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ يَعْلَى، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ، وَمِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ، عَنْ عَطَاءٍ كَذَلِكَ، وَهِيَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْحَجِّ مُخْتَصَرَةٌ مَضْمُومَةٌ إِلَى حَدِيثِ الَّذِي سَأَلَ عَنِ الْعُمْرَةِ.
وَمِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ وَفِيهَا مُخَالَفَةٌ لِرِوَايَةِ شُعْبَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَدْخَلَ بَيْنَ قَتَادَةَ، وَعَطَاءٍ، بُدَيْلَ بْنَ مَيْسَرَةَ وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ، وَلَفْظُهُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى: أَنَّ أَجِيرًا لِيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَضَّ رَجُلٌ ذِرَاعَهُ.
وَقَدِ اعْتَرَضَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ فِي تَخْرِيجِهِ هَذِهِ الطَّرِيقَ وَتَخْرِيجِهِ طَرِيقَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ وَهُوَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الْمُتَابَعَاتِ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأُصُولِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ.
وَمُنْيَةُ الَّتِي نُسِبَ إِلَيْهَا يَعْلَى هُنَا هِيَ أُمُّهُ وَقِيلَ جَدَّتُهُ وَالْأَوَّلُ الْمُعْتَمَدُ، وَأَبُوهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الرِّوَايَاتِ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ الْحَنْظَلِيُّ، أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مَا بَعْدَهَا كَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ وَتَبُوكَ، وَمُنْيَةُ أُمُّهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ هِيَ بِنْتُ جَابِرٍ عَمَّةُ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ وَقِيلَ أُخْتُهُ، وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَ رُوَاةِ مُسْلِمٍ صَحَّفَهَا وَقَالَ: مُنَبِّهٌ بِفَتَخِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَأَغْرَبَ ابْنُ وَضَّاحٍ فَقَالَ: منبه بِسُكُونِ النُّونِ أُمُّهُ، وَبِفَتْحِهَا ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ أَبُوهُ وَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (خَرَجْتُ فِي غَزْوَةٍ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي غَزَاةٍ، وَثَبَتَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ أَنَّهَا غَزْوَةُ تَبُوكَ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُلَيَّةَ بِلَفْظِ: جَيْشِ الْعُسْرَةِ وَبِهِ جَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَّاحِ، وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ بِأَنَّ فِي بَابِ مَنْ أَحْرَمَ جَاهِلًا وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ بِهَا أَثَرُ صُفْرَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: فَقَالَ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ، وَعَضَّ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ فَأَبْطَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي سَفَرٍ كَانَ فِيهِ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ.
قُلْتُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ سَمِعَ الْحَدِيثَيْنِ فَأَوْرَدَهُمَا مَعًا عَاطِفًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِالْوَاوِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ، وَعَجِيبٌ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ عَنِ الْحَدِيثِ فَيَرُدُّ مَا فِيهِ صَرِيحًا بِالْأَمْرِ الْمُحْتَمَلِ، وَمَا سَبَبُ ذَلِكَ إِلَّا إِيثَارُ الرَّاحَةِ بِتَرْكِ تَتَبُّعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهَا طَرِيقٌ تُوصِلُ إِلَى الْوُقُوفِ عَلَى الْمُرَادِ غَالِبًا.
قَوْلُهُ: (فَعَضَّ رَجُلٌ فَانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ) كَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ هُنَا بِهَذَا الِاخْتِصَارِ الْمُجْحِفِ، وَقَدْ بَيَّنَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَلَفْظُهُ: قَاتَلَ رَجُلٌ آخَرَ فَعَضَّ يَدَهُ فَانْتَزَعَ يَدَهُ فَانْتَدَرَتْ ثَنِيَّتُهُ، وَقَدْ بَيَّنْتُ اخْتِلَافَ طُرُقِهِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ.
وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ الْجُمْهُورُ فَقَالُوا: لَا يَلْزَمُ الْمَعْضُوضَ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّائِلِ، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ بِأَنَّ مَنْ شَهَرَ عَلَى آخَرَ سِلَاحًا لِيَقْتُلَهُ فَدَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَتَلَ الشَّاهِرَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَكَذَا لَا يَضْمَنُ سِنَّهُ بِدَفْعِهِ إِيَّاهُ عَنْهَا، قَالُوا وَلَوْ جَرَحَهُ الْمَعْضُوضُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَشَرْطُ الْإِهْدَارِ أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَعْضُوضُ وَأَنْ لَا يُمْكِنَهُ تَخْلِيصُ يَدِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ضَرْبٍ فِي شِدْقَيْهِ أَوْ فَكِّ لِحْيَتِهِ لِيُرْسِلَهَا، وَمَهْمَا أَمْكَنَ التَّخْلِيصُ بِدُونِ ذَلِكَ فَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى الْأَثْقَلِ لَمْ يُهْدَرْ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُهْدَرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَوُجِّهَ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَهُ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ.
وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا يَجِبُ الضَّمَانُ، وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الْإِنْذَارِ شِدَّةَ الْعَضِّ لَا النَّزْعَ فَيَكُونُ سُقُوطُ ثَنِيَّةِ الْعَاضِّ بِفِعْلِهِ لَا بِفِعْلِ الْمَعْضُوضِ؛ إِذْ لَوْ كَانَ مِنْ فِعْلِ صَاحِبِ الْيَدِ لَأَمْكَنَهُ أَنْ يُخَلِّصَ يَدَهُ مِنْ غَيْرِ قَلْعٍ، وَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ بِالْأَثْقَلِ مَعَ إِمْكَانِ الْأَخَفِّ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: الْعَاضُّ قَصَدَ الْعُضْوَ نَفْسَهُ وَالَّذِي