وَبِهِ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ التَّرْجَمَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا صَلَاةَ الْفَجْرِ فَجَلَسَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ نَحْوَ حَدِيثِ سَمُرَةَ، وَالرَّاوِي لَهُ عَنْ زَيْدٍ ضَعِيفٌ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَقُولُ: هَلْ رَأَى أَحَدٌ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا هِيَ حَقٌّ فَاعْقِلُوهَا فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ أَشْيَاءُ يُشْبِهُ بَعْضُهَا مَا فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ، لَكِنْ يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّهُ حَدِيثٌ آخَرُ، فَإِنَّ فِي أَوَّلِهِ أَتَانِي رَجُلٌ فَأَخَذَ بِيَدِي فَاسْتَتْبَعَنِي حَتَّى أَتَى جَبَلًا طَوِيلًا وَعِرًا فَقَالَ لِي: ارْقَهُ، فَقُلْتُ: لَا أَسْتَطِيعُ، فَقَالَ: إِنِّي سَأُسَهِّلُهُ لَكَ، فَجَعَلْتُ كُلَّمَا وَضَعْتُ قَدَمِي وَضَعْتُهَا عَلَى دَرَجِهِ حَتَّى اسْتَوَيْتُ عَلَى سَوَاءِ الْجَبَلِ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا فَإِذَا نَحْنُ بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَقُولُونَ مَا لَا يَعْلَمُونَ الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: (إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ) بِالنَّصْبِ.
قَوْلُهُ: (آتِيَانِ) فِي رِوَايَةِ هَوْذَةَ، عَنْ عَوْفٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ اثْنَانِ أَوْ آتِيَانِ بِالشَّكِّ وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ رَأَيْتُ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَأَيْتُ مَلَكَيْنِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْحَدِيثِ أَنَّهُمَا جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي) بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ وَبَعْدَ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مُثَلَّثَةٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِنُونٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ وَمَعْنَى ابْتَعَثَانِي أَرْسَلَانِي، كَذَا قَالَ فِي الصِّحَاحِ: بَعَثَهُ وَابْتَعَثَهُ أَرْسَلْتُهُ، يُقَالُ ابْتَعَثَهُ إِذَا أَثَارَهُ وَأَذْهَبَهُ، وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: مَعْنَى ابْتَعَثَانِي: أَيْقَظَانِي، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنَّهُمَا أَيْقَظَاهُ فَرَأَى مَا رَأَى فِي الْمَنَامِ وَوَصَفَهُ بَعْدَ أَنْ أَفَاقَ عَلَى أَنَّ مَنَامَهُ كَالْيَقَظَةِ، لَكِنْ لَمَّا رَأَى مِثَالًا كَشَفَهُ التَّعْبِيرُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَنَامًا.
قَوْلُهُ: (وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا) زَادَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ فِي رِوَايَتِهِ إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ إِلَى أَرْضٍ فَضَاءٍ أَوْ أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَانْطَلَقَا بِي إِلَى السَّمَاءِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ) فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ مُسْتَلْقٍ عَلَى قَفَاهُ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ) فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَمَرَرْتُ عَلَى مَلَكٍ وَأَمَامَهُ آدَمِيٌّ وَبِيَدِ الْمَلَكِ صَخْرَةٌ يَضْرِبُ بِهَا هَامَةَ الْآدَمِيِّ.
قَوْلُهُ: (يَهْوِي) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ يَسْقُطُ، يُقَالُ هَوَى بِالْفَتْحِ يَهْوِي هُوِيًّا سَقَطَ إِلَى أَسْفَلَ، وَضَبَطَهُ ابْنُ التِّينِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ، وَيُقَالُ أَهْوَى مِنْ بُعْدٍ وَهَوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ مِنْ قُرْبٍ.
قَوْلُهُ: (بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ بَعْدَهَا غَيْنٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ يَشْدَخُهُ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ فَيَشْدَخُ وَالشَّدْخُ كَسْرُ الشَّيْءِ الْأَجْوَفِ.
قَوْلُهُ: (فَيَتَدَهْدَهُ الْحَجَرُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا هَاءٌ سَاكِنَةٌ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَيَتَدَأْدَأُ بِهَمْزَتَيْنِ بَدَلَ الْهَاءَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ فَيَتَدَهْدَأُ بِهَاءٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ وَكُلٌّ بِمَعْنًى. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ دَفَعَهُ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى أَسْفَلَ، وَتَدَهْدَهَ إِذَا انْحَطَّ، وَالْهَمْزَةُ تُبْدَلُ مِنَ الْهَاءِ كَثِيرًا وَتَدَأْدَأَ تَدَحْرَجَ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.
قَوْلُهُ: (هَاهُنَا) أَيْ إِلَى جِهَةِ الضَّارِبِ.
قَوْلُهُ: (فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ) أَيِ الَّذِي رَمَى بِهِ (فَيَأْخُذُهُ) فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ فَإِذَا ذَهَبَ لِيَأْخُذَهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى الَّذِي شَدَخَ رَأْسَهُ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ) فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ حَتَّى يَلْتَئِمَ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ عَادَ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَيَقَعُ دِمَاغُهُ جَانِبًا وَتَقَعُ الصَّخْرَةُ جَانِبًا.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ) فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ فَيَعُودُ إِلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (مِثْلُ مَا فَعَلَ بِهِ مَرَّةً الْأُولَى) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَلِغَيْرِهِمَا، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، عَنْ عَوْفٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ الْمَرَّةَ الْأُولَى وَهُوَ الْمُرَادُ بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ فَيَصْنَعُ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: جُعِلَتِ الْعُقُوبَةُ فِي رَأْسِ هَذِهِ النَّوْمَةِ عَنِ الصَّلَاةِ وَالنَّوْمُ مَوْضِعُهُ الرَّأْسُ.