وَلِيَعْرِفَ الرَّائِي مَا يَعْرِضُ لَهُ بِسَبَبِ رُؤْيَا فَيَسْتَبْشِرُ بِالْخَيْرِ وَيَحْذَرُ مِنَ الشَّرِّ وَيَتَأَهَّبُ لِذَلِكَ، فَرُبَّمَا كَانَ فِي الرُّؤْيَا تَحْذِيرٌ عَنْ مَعْصِيَةٍ فَيَكُفُّ عَنْهَا، وَرُبَّمَا كَانَتْ إِنْذَارًا لِأَمْرٍ فَيَكُونُ لَهُ مُتَرَقِّبًا، قَالَ: فَهَذِهِ عِدَّةُ فَوَائِدَ لِتَعْبِيرِ الرُّؤْيَا أَوَّلَ النَّهَارِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا) فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ حَدَّثَنِي.
قَوْلُهُ: (مُؤَمَّلٌ) بِوَزْنِ مُحَمَّدٍ مَهْمُوزٌ (ابْنُ هِشَامٍ أَبُو هَاشِمٍ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ وَقَالَ: الصَّوَابُ أَبُو هِشَامٍ وَكَذَا هُوَ عِنْدَ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَهُوَ مِمَّنْ وَافَقَتْ كُنْيَتُهُ اسْمَ أَبِيهِ، وَكَانَ صِهْرَ إِسْمَاعِيلَ شَيْخِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ابْنَتِهِ، وَلَمْ يخَرِّجْ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ غَيْرِ إِسْمَاعِيلَ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ هُنَا تَامًّا، وَأَخْرَجَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَفِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي التَّفْسِيرِ عَنْهُ بِهَذَا السَّنَدِ أَطْرَافًا، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا تَامًّا فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، وَأَخْرَجَ فِي الصَّلَاةِ وَفِي التَّهَجُّدِ وَفِي الْبُيُوعِ وَفِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَفِي الْجِهَادِ وَفِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي الْأَدَبِ عَنْهُ مِنْهُ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ أَطْرَافًا، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ قِطْعَةً مِنْ أَوَّلِهِ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ جَرِيرٍ بِتَمَامِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرٍ عَنْهُ عَنْ عَوْفٍ بِتَمَامِهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَشَيْخُهُ عَوْفٌ هُوَ الْأَعْرَابِيُّ وَأَبُو رَجَاءٍ هُوَ الْعُطَارِدِيُّ وَاسْمُهُ عِمْرَانُ، وَالسَّنَدُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ.
قَوْلُهُ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْنِي مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِإِسْقَاطِ يَعْنِي وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْبَاقِينَ، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ مِمَّا يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ مَا نَقَلَ ابْنُ مَالِكٍ أَنَّهَا بِمَعْنَى مِمَّا يُكْثِرُ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ مِمَّا يُكْثِرُ خَبَرُ كَانَ وَمَا مَوْصُولَةٌ وَيُكْثِرُ صِلَتُهُ وَالضَّمِيرُ الرَّاجِعُ إِلَى مَا فَاعِلُ يَقُولُ وَأَنْ يَقُولَ فَاعِلُ يُكْثِرُ وَهَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ هُوَ الْمَقُولُ أَيْ رَسُولُ اللَّهِ كَائِنًا مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ كَثُرَ مِنْهُمْ هَذَا الْقَوْلُ، فَوَضَعَ مَا مَوْضِعَ منْ تَفْخِيمًا وَتَعْظِيمًا لِجَانِبِهِ، وَتَحْرِيرُهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُجِيدُ تَعْبِيرَ الرُّؤْيَا، وَكَانَ لَهُ مُشَارِكٌ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ، لِأَنَّ الْإِكْثَارَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ لَا يَصْدُرُ إِلَّا مِمَّنْ تَدَرَّبَ فِيهِ وَوَثِقَ بِإِصَابَتِهِ كَقَوْلِكَ: كَانَ زَيْدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِالنَّحْوِ وَمِنْهُ قَوْلُ صَاحِبَيِ السِّجْنِ لِيُوسُفَ ﵇: ﴿نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ أَيْ مِنَ الْمُجِيدِينَ فِي عِبَارَةِ الرُّؤْيَا، وَعُلَمَاءِ ذَلِكَ مِمَّا رَأَيَاهُ مِنْهُ، هَذَا مِنْ حَيْثُ الْبَيَانُ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ النَّحْوُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ عَلَى تَأْوِيلِ هَذَا الْقَوْلِ مِمَّا يُكْثِرُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَقُولَهُ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى تَرْجِيحِ الْوَجْهِ السَّابِقِ وَالْمُتَبَادِرُ هُوَ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الشَّارِحِينَ.
قَوْلُهُ: (فَيُقَصُّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْقَافِ.
قَوْلُهُ: (مَا شَاءَ اللَّهُ) فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْقَافِ وَهِيَ رِوَايَةُ النَّسَفِيِّ، وَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى لِلْمَقْصُوصِ وَمَنْ فِي الثَّانِيَةِ لِلْقَاصِّ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ فَسَأَلَ يَوْمًا فَقَالَ: هَلْ رَأَى أَحَدٌ رُؤْيَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: لَكِنْ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَجْهُ الِاسْتِدْرَاكِ أَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَعْبُرَ لَهُمُ الرُّؤْيَا، فَلَمَّا قَالُوا مَا رَأَيْنَا شَيْئًا كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتُمْ مَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا لَكِنِّي رَأَيْتُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي خَلْدَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَاسْمُهُ خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمًا فَقَالَ: هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا، فَلَمْ يُحَدِّثْ أَحَدٌ بِشَيْءٍ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا فَاسْمَعُوا مِنِّي أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ) لَفْظُ: ذَاتَ زَائِدٌ أَوْ هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى اسْمِهِ، وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْهُ كَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْهُ إِذَا صَلَّى صَلَاةَ الْغَدَاةِ، وَفِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ