للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: وَضَعَ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَمْسَ فِتَنٍ فَذَكَرَ الْأَرْبَعَةَ ثُمَّ فِتْنَةٌ تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ وَهِيَ الَّتِي يُصْبِحُ النَّاسُ فِيهَا كَالْبَهَائِمِ؛ أَيْ لَا عُقُولَ لَهُمْ. وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: تَذْهَبُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: لَا تَضُرُّكَ الْفِتْنَةُ مَا عَرَفْتَ دِينَكَ ; إِنَّمَا الْفِتْنَةُ إِذَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ) هُوَ سُفْيَانُ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيِّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ) بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ بِوَزْنِ جَعْفَرٍ، وَخَلَفٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَأَدْرَكَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ لَكِنْ لَمْ أَجِدْ لَهُ رِوَايَةً عَنْ صَحَابِيٍّ، وَكَانَ عَابِدًا. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا شُعْبَةُ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ.

قَوْلُهُ: (كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ عِنْدَ الْفِتَنِ)؛ أَيْ عِنْدَ نُزُولِهَا.

قَوْلُهُ: (قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ) كَذَا وَقَعَ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ فِي نُسْخَةٍ، وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ الْأَبْيَاتِ الْمَذْكُورَةَ لِعَمْرِو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الزُّبَيْدِيِّ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ فِي الْكَامِلِ، وَكَذَا رُوِّينَاهُ فِي كِتَابِ الْغُرَرِ مِنَ الْأَخْبَارِ لِأَبِي بَكْرٍ خَمَدَ بْنِ خَلَفٍ الْقَاضِي الْمَعْرُوفِ بِوَكِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْدَانُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِ يكَرِبَ وَبِذَلِكَ جَزَمَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ وَوَقَعَ لَنَا مَوْصُولًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَفِيهِ زِيَادَةٌ رُوِّينَاهُ فِي فَوَائِدِ الْمَيْمُونِ بْنِ حَمْزَةَ الْمِصْرِيِّ عَنِ الطَّحَاوِيِّ فِيمَا زَادَهُ فِي السُّنَنِ الَّتِي رَوَاهَا عَنِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ: حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ: كَمَا تَرَكَ لَكُمُ الْمُلُوكُ الْحِكْمَةَ فَاتْرُكُوا لَهُمُ الدُّنْيَا. وَكَانَ خَلَفٌ يَقُولُ: يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا هَذِهِ الْأَبْيَاتِ فِي الْفِتْنَةِ.

قَوْلُهُ: (الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ؛ أَيْ شَابَّةٌ، حَكَى ابْنُ التِّينِ، عَنْ سِيبَوَيْهِ الْحَرْبَ مُؤَنَّثَةً وَعَنِ الْمُبَرِّدِ قَدْ تُذَكَّرُ، وَأَنْشَدَ لَهُ شَاهِدًا قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُ أَوَّلُ وَفَتِيَّةً لِأَنَّهُ مَثَلٌ، وَمَنْ نَصَبَ أَوَّلَ قَالَ إِنَّهُ الْخَبَرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَهُ: الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ أَحْوَالُهَا إِذَا كَانَتْ فَتِيَّةً، وَمِنْهُمْ مَنْ أَعْرَبَ أَوَّلَ حَالًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ؛ رَفْعُ أَوَّلَ، وَنَصْبُ فَتِيَّةٍ وَعَكْسُهُ، وَرَفْعُهُمَا جَمِيعًا وَنَصْبُهُمَا، فَمَنْ رَفَعَ أَوَّلَ وَنَصَبَ فَتِيَّةً فَتَقْدِيرُهُ: الْحَرْبُ أَوَّلُ أَحْوَالِهَا إِذَا كَانَتْ فَتِيَّةً، فَالْحَرْبُ مُبْتَدَأٌ وَأَوَّلُ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ، وَفَتِيَّةٌ حَالٌ سَدَّتْ مَسَدَّ الْخَبَرِ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْحَرْبِ. وَمَنْ عَكَسَ فَتَقْدِيرُهُ: الْحَرْبُ فِي أَوَّلِ أَحْوَالِهَا فَتِيَّةٌ، فَالْحَرْبُ مُبْتَدَأٌ وَفَتِيَّةٌ خَبَرُهَا، وَأَوَّلُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ. وَمَنْ رَفَعَهُمَا فَالتَّقْدِيرُ: الْحَرْبُ أَوَّلُ أَحْوَالِهَا، فَأَوَّلُ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ أَوْ بَدَلٌ مِنَ الْحَرْبِ، وَفَتِيَّةٌ خَبَرٌ. وَمَنْ نَصَبَهُمَا جَعَلَ أَوَّلَ ظَرْفًا وَفَتِيَّةً حَالًا، وَالتَّقْدِيرُ: الْحَرْبُ فِي أَوَّلِ أَحْوَالِهَا إِذَا كَانَتْ فَتِيَّةً، وَتَسْعَى خَبَرٌ عَنْهَا؛ أَيِ: الْحَرْبُ فِي حَالِ مَا هِيَ فَتِيَّةٌ، أَيْ فِي وَقْتِ وُقُوعِهَا يَفِرُّ مَنْ لَمْ يُجَرِّبْهَا حَتَّى يَدْخُلَ فِيهَا فَتُهْلِكَهُ.

قَوْلُهُ: (بِزِينَتِهَا) كَذَا فِيهِ مِنَ الزِّينَةِ، وَرَوَاهُ سِيبَوَيْهِ: بِبَزَّتِهَا؛ بِمُوَحَّدَةٍ وَزَايٍ مُشَدَّدَةٍ، وَالْبَزَّةُ اللِّبَاسُ الْجَيِّدُ.

قَوْلُهُ: (إِذَا اشْتَعَلَتْ) بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ كِنَايَةً عَنْ هَيَجَانِهَا، وَيَجُوزُ فِي إِذَا أَنْ تَكُونَ ظَرْفِيَّةً وَأَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً وَالْجَوَابُ وَلَّتْ، وَقَوْلُهُ: وَشُبَّ ضِرَامُهَا هُوَ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ، تَقُولُ: شُبَّتِ الْحَرْبُ؛ إِذَا اتَّقَدَتْ. وَضِرَامُهَا بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ؛ أَيِ اشْتِعَالُهَا.

قَوْلُهُ: (ذَاتَ حَلِيلٍ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا صَارَتْ لَا يَرْغَبُ أَحَدٌ فِي تَزْوِيجِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ.

قَوْلُهُ: (شَمْطَاءَ) بِالنَّصْبِ هُوَ وَصْفُ الْعَجُوزِ، وَالشَّمْطُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ اخْتِلَاطُ الشَّعْرِ الْأَبْيَضِ بِالشَّعْرِ الْأَسْوَدِ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ الشَّيْبِ.