وَكَانَ عَظِيمَ الشَّأْنِ عِنْدَهُ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَكَانَ يَعْلَى قَدِمَ حَاجًّا فَأَعَانَ طَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ، وَحَمَلَ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ، وَاشْتَرَى لِعَائِشَةَ جَمَلًا يُقَالُ لَهُ عَسْكَرٌ بِثَمَانِينَ دِينَارًا. وَمِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: أَتَدْرُونَ بِمَنْ بُلِيتُ؟ أَطْوَعُ النَّاسِ فِي النَّاسِ عَائِشَةُ، وَأَشَدُّ النَّاسِ الزُّبَيْرُ، وَأَدْهَى النَّاسِ طَلْحَةُ، وَأَيْسَرُ النَّاسِ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ فِي آخِرِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: سَارَ عَلِيٌّ مِنَ الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ تِسْعُمِائَةِ رَاكِبٍ فَنَزَلَ بِذِي قَارٍ.
وَمِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ فَنَزَلَتْ بَعْضَ مِيَاهِ بَنِي عَامِرٍ نَبَحَتْ عَلَيْهَا الْكِلَابُ، فَقَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟ قَالُوا: الْحَوْأَبُ - بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ - قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلَّا رَاجِعَةً. فَقَالَ لَهَا بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِينَ فَيَرَاكِ الْمُسْلِمُونَ فَيُصْلِحُ اللَّهُ ذَاتَ بَيْنِهِمْ. فَقَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ. وَأَخْرَجَ هَذَا أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَسَنَدُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ. وَعِنْدَ أَحْمَدَ: فَقَالَ لَهَا الزُّبَيْرُ: تَقْدَمِينَ، فَذَكَرَهُ. وَمِنْ طَرِيقِ عِصَامِ بْنِ قُدَامَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِنِسَائِهِ: أَيَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ - بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَدَالٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ؟ تَخْرُجُ حَتَّى تَنْبَحَهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ، يُقْتَلُ عَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ شِمَالِهَا قَتْلَى كَثِيرَةٌ وَتَنْجُو مِنْ بَعْدِ مَا كَادَتْ. وَهَذَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ حَوْلَ حُذَيْفَةَ إِذْ قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ وَقَدْ خَرَجَ أَهْلُ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فِرْقَتَيْنِ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ وُجُوهَ بَعْضٍ بِالسَّيْفِ؟ قُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ إِذَا أَدْرَكْنَا ذَلِكَ؟ قَالَ: انْظُرُوا إِلَى الْفِرْقَةِ الَّتِي تَدْعُو إِلَى أَمْرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَإِنَّهَا عَلَى الْهُدَى.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَلَغَ أَصْحَابَ عَلِيٍّ حِينَ سَارُوا مَعَهُ أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ اجْتَمَعُوا بِطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ وَوَقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ، فَقَالَ عَلِيٌّ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَنَظْهَرَنَّ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَلَنَقْتُلَنَّ طَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ الْحَدِيثَ. وَفِي سَنَدِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ وَفِيهِ ضَعْفٌ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: ذَكَرَ لِعَائِشَةَ يَوْمَ الْجَمَلِ قَالَتْ: وَالنَّاسُ يَقُولُونَ يَوْمَ الْجَمَلِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَتْ: وَدِدْتُ أَنِّي جَلَسْتُ كَمَا جَلَسَ غَيْرِي، فَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ وَلَدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَشَرَةً كُلَّهُمْ مِثْلَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ. وَفِي سَنَدِهِ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ الْمَدَنِيُّ وَفِيهِ ضَعْفٌ. وَأَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ الْمُرَادِيِّ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الْبَصْرَةَ فِي أَمْرِ طَلْحَةَ وَأَصْحَابِهِ قَامَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّاءِ فَقَالَا لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِكَ هَذَا، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي مُبَايَعَتِهِ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ثُمَّ ذَكَرَ طَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ فَقَالَ: بَايَعَانِي بِالْمَدِينَةِ وَخَالَفَانِي بِالْبَصْرَةِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِمَّنْ بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ خَالَفَهُ لَقَاتَلْنَاهُ. وَكَذَلِكَ عُمَرُ.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: إِنَّهُ سَيَكُونُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَائِشَةَ أَمْرٌ، قَالَ: فَأَنَا أَشْقَاهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَارْدُدْهَا إِلَى مَأْمَنِهَا. وَأَخْرَجَ إِسْحَاقُ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ - رَجُلٍ مِنْ حَيِّهِ - قَالَ: خَلَا عَلِيٌّ، بِالزُّبَيْرِ يَوْمَ الْجَمَلِ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ وَأَنْتَ لَاوِي يَدِيَ: لَتُقَاتِلَنَّهُ وَأَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ ثُمَّ لَيُنْصَرَنَّ عَلَيْكَ؟ قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ، لَا جَرَمَ لَا أُقَاتِلُكَ. وَأَخْرَجَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ هَجَنَّعَ - بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ وَقِيلَ لَهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُقَاتِلَ مَعَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَوْمَ الْجَمَلِ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: يَخْرُجُ قَوْمٌ هَلْكَى لَا يُفْلِحُونَ، قَائِدُهُمُ امْرَأَةٌ فِي الْجَنَّةِ. فَكَأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute