للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثَلَاثُونَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلَمْ يَسُقْ جَمِيعَهُ، وَلِأَحْمَدَ، وَأَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ ثَلَاثُونَ دَجَّالًا كَذَّابًا، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ ونَحْوُهُ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ نَحْوُهُ، وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ الْمُصَدَّرِ أَوَّلُهُ بِالْكُسُوفِ، وَفِيهِ: وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلَاثُونَ كَذَّابًا، آخِرُهُمُ الْأَعْوَرُ الدَّجَّالُ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَصْلُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ ثَلَاثِينَ كَذَّابًا، مِنْهُمُ الْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ صَاحِبُ صَنْعَاءَ، وَصَاحِبُ الْيَمَامَةِ يَعْنِي مُسَيْلِمَةَ.

قُلْتُ: وَخَرَجَ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ، طُلَيْحَةُ بِالتَّصْغِيرِ ابْنُ خُوَيْلِدٍ، وَادَّعَى النُّبُوَّةَ، ثُمَّ تَابَ وَرَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَتَنَبَّأَتْ أَيْضًا سَجَاحٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا مُسَيْلِمَةُ، ثُمَّ رَجَعَتْ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ، وَأَبِي يَعْلَى فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: ثَلَاثُونَ كَذَّابُونَ أَوْ أَكْثَرُ، قُلْتُ: مَا آيَتُهُمْ؟ قَالَ: يَأْتُونَكُمْ بِسُنَّةٍ لَمْ تَكُونُوا عَلَيْهَا، يُغَيِّرُونَ بِهَا سُنَّتَكُمْ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاجْتَنِبُوهُمْ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ سَبْعُونَ كَذَّابًا. وَسَنَدُهَا ضَعِيفٌ، وَعِنْدَ أَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوُهُ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَهُوَ مَحْمُولٌ إِنْ ثَبَتَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْكَثْرَةِ لَا عَلَى التَّحْدِيدِ، وَأَمَّا التَّحْرِيرُ فَفِيمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ حُذَيْفَةَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ: سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ دَجَّالُونَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْهُمْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَإِنِّي خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ الثَّلَاثِينَ بِالْجَزْمِ عَلَى طَرِيقِ جَبْرِ الْكَسْرِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ: قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ.

قَوْلُهُ: (كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ، وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي قَوْلِهِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ الْمَاضِي: وَإِنِّي خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ النُّبُوَّةَ مِنْهُمْ مَا ذُكِرَ مِنَ الثَّلَاثِينَ أَوْ نَحْوِهَا، وَأَنَّ مَنْ زَادَ عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ يَكُونُ كَذَّابًا فَقَطْ، لَكِنْ يَدْعُو إِلَى الضَّلَالَةِ كَغُلَاةِ الرَّافِضَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ وَأَهْلِ الْوَحْدَةِ وَالْحُلُولِيَّةِ وَسَائِرِ الْفِرَقِ الدُّعَاةِ، إِلَى مَا يُعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ خِلَافُ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ: فَقَالَ عَلِيٌّ، لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْكَوَّاءِ: وَإِنَّكَ لَمِنْهُمْ وَابْنُ الْكَوَّاءِ لَمْ يَدَّعِ النُّبُوَّةَ وَإِنَّمَا كَانَ يَغْلُو فِي الرَّفْضِ.

قَوْلُهُ: (وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ) تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ، وَيَأْتِي أَيْضًا فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ.

قَوْلُهُ: (وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ) قَدْ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْبِلَادِ الشَّمَالِيَّةِ وَالشَّرْقِيَّةِ وَالْغَرْبِيَّةِ كَثِيرٌ مِنَ الزَّلَازِلِ، وَلَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَثْرَتِهَا شُمُولُهَا وَدَوَامُهَا، وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ عِنْدَ أَحْمَدَ: وَبَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ سَنَوَاتُ الزَّلَازِلِ، وَلَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: تَكْثُرُ الصَّوَاعِقُ عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ) تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ: فِيكُمْ، يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَنِ الصَّحَابَةِ، فَيَكُونُ إِشَارَةً إِلَى مَا وَقَعَ مِنَ الْفُتُوحِ وَاقْتِسَامِهِمْ أَمْوَالَ الْفُرْسِ وَالرُّومِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: فَيَفِيضَ حَتَّى يُهِمَّ رَبُّ الْمَالِ إِشَارَةً إِلَى مَا وَقَعَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؛ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي زَمَنِهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَعْرِضُ مَالَهُ لِلصَّدَقَةِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ: وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لَا أَرَبَ لِي بِهِ إِشَارَةً إِلَى مَا سَيَقَعُ فِي زَمَنِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. فَيَكُونُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

الْأُولَى: إِلَى كَثْرَةِ الْمَالِ فَقَطْ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ فِيهِ؛ يَكْثُرُ فِيكُمْ، وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي مَضَى فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ ذِكْرُ عَلَامَةٍ أُخْرَى مُبَايِنَةٍ لِعَلَامَةِ الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ فِي حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَفَعَهُ: اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَمَوْتَانِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ، حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِنْهُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلَّ سَاخِطًا. الْحَدِيثَ. وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا عِنْدَ