للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَأَرْسَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ جَمَاعَةً مِنْهُمْ إِلَيْهِ لِيُبَايِعُوهُ.

قَوْلُهُ: (فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَى أَسْمَائِهِمْ ; قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَفَدَ فُلَانٌ عَلَى الْأَمِيرِ أَيْ وَرَدَ رَسُولًا، وَالْوَفْدُ بِالسُّكُونِ جَمْعُ وَافِدٍ كَصَحْبٍ وَصَاحِبٍ. قُلْتُ: وَرُوِّينَاهُ فِي فَوَائِدِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ فَقَالَ فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا، وَكَذَا هُوَ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو) أَيِ ابْنِ الْعَاصِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ) لَمْ أَقِفْ عَلَى لَفْظِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي ذَلِكَ، وَهَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ أَوْ مَوْقُوفٌ، وَقَدْ مَضَى فِي الْفِتَنِ قَرِيبًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ أَوْرَدَهُ فِي بَابِ: تَغْيِيرُ الزَّمَانِ حَتَّى تُعْبَدَ الْأَوْثَانُ وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مُلْكَ الْقَحْطَانِيِّ يَقَعُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عِنْدَ قَبْضِ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَرُجُوعِ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَبْقَى بَعْدَهُمْ إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَهُمُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُمْ بِشِرَارِ النَّاسِ الَّذِينَ تَقُومُ عَلَيْهِمُ السَّاعَةُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ هُنَاكَ، وَذَكَرْتُ لَهُ هُنَاكَ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَإِنْ كَانَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا مُوَافِقًا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَا مَعْنَى لِإِنْكَارِهِ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَرْفَعْهُ وَكَانَ فِيهِ قَدْرٌ زَائِدٌ يُشْعِرُ بِأَنَّ خُرُوجَ الْقَحْطَانِيِّ يَكُونُ فِي أَوَائِلِ الْإِسْلَامِ فَمُعَاوِيَةُ مَعْذُورٌ فِي إِنْكَارِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ نُبْذَةً مِنْ أَخْبَارِ الْقَحْطَانِيِّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْفِتَنِ.

وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: سَبَبُ إِنْكَارِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ حَمَلَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ قَحْطَانِيًّا يَخْرُجُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ النَّوَاحِي فَلَا يُعَارِضُ حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ، وَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ الْخِلَافَةُ كَذَا قَالَ، وَنُقِلَ عَنِ الْمُهَلَّبِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَلِكٌ يَغْلِبُ عَلَى النَّاسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ خَلِيفَةً، وَإِنَّمَا أَنْكَرَ مُعَاوِيَةُ خَشْيَةَ أَنْ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنَّ الْخِلَافَةَ تَجُوزُ فِي غَيْرِ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا خَطَبَ بِذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَهُمْ كَذَلِكَ إِذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ. قُلْتُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ إِنْكَارِهِمْ صِحَّةُ إِنْكَارِ مُعَاوِيَةَ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، فَقَدْ قَالَ ابْنُ التِّينِ الَّذِي أَنْكَرَهُ مُعَاوِيَةُ فِي حَدِيثِهِ مَا يُقَوِّيهِ لِقَوْلِهِ: مَا أَقَامُوا الدِّينَ فَرُبَّمَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا يُقِيمُهُ فَيَتَسَلَّطُ الْقَحْطَانِيُّ عَلَيْهِ وَهُوَ كَلَامٌ مُسْتَقِيمٌ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يُحَدِّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا تُؤْثَرُ) أَيْ تُنْقَلُ (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِي هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يُرَاعِي خَاطِرَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَمَا آثَرَ أَنْ يَنُصَّ عَلَى تَسْمِيَةِ وَلَدِهِ بَلْ نَسَبَ ذَلِكَ إِلَى رِجَالٍ بِطَرِيقِ الْإِبْهَامِ، وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَمَنْ وَقَعَ مِنْهُ التَّحْدِيثُ بِمَا يُضَاهِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَيِ الْقُرْآنُ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ شَخْصًا بِعَيْنِهِ أَوْ بِوَصْفِهِ يَتَوَلَّى الْمُلْكَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، وَقَوْلُهُ لَا يُؤْثَرُ فِيهِ تَقْوِيَةٌ، لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو لَمْ يَرْفَعِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ إِذْ لَوْ رَفَعَهُ لَمْ يَتِمَّ نَفْيُ مُعَاوِيَةَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَلَعَلَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يُحَدِّثْ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَتَوَقَّى مِثْلَ ذَلِكَ كَثِيرًا، وَإِنَّمَا يَقَعُ مِنْهُ التَّحْدِيثُ بِهِ فِي حَالَةٍ دُونَ حَالَةٍ، وَحَيْثُ يَأْمَنُ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ مُعَاوِيَةَ غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَصًّا عَلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو لَمْ يَرْفَعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ) أَيِ الَّذِينَ يَتَحَدَّثُونَ بِأُمُورٍ مِنْ أُمُورِ الْغَيْبِ لَا يَسْتَنِدُونَ فِيهَا إِلَى الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ.

قَوْلُهُ: (فَإِيَّاكُمْ وَالْأَمَانِيَّ) بِالتَّشْدِيدِ وَيَجُوزُ التَّخْفِيفُ.

قَوْلُهُ: (الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا) بِضَمِّ أَوَّلِ تُضِلُّ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَأَهْلَهَا بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ. وَرُوِيَ بِفَتْحِ أَوَّلِ تُضِلُّ وَرَفْعِ أَهْلَهَا وَالْأَمَانِيُّ جَمْعُ أَمْنِيَّةٍ رَاجِعٌ إِلَى التَّمَنِّي، وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَمُنَاسَبَةُ ذِكْرِ ذَلِكَ تَحْذِيرُ مَنْ يَسْمَعُ مِنَ الْقَحْطَانِيِّينَ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ فَتُحَدِّثُهُ نَفْسُهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْقَحْطَانِيَّ، وَقَدْ تَكُونُ لَهُ