بِالنُّونِ وَالْجِيمِ يُكْنَى أَبَا سَلَمَةَ بَصْرِيٌّ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلِيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَا وَلِيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَلَّاهُ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ فَلَمَّا عُزِلَ وَوَلِيَ مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ عَزَلَهُ وَوَلَّى مُعَاوِيَةَ بْنَ عَمْرٍو، ثُمَّ اسْتَعْفَى فَأَعْفَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَعَادَ عَبَّادَ بْنَ مَنْصُورٍ، وَكَانَ عَبَّادٌ يُرْمَى بِالْقَدَرِ وَيُدَلِّسُ فَضَعَّفُوهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَيُقَالُ إِنَّهُ تَغَيَّرَ، وَحَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَعَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ شَيْئًا، وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ.
قَوْلُهُ: (يُجِيزُونَ كُتُبَ الْقُضَاةِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الشُّهُودِ إِلَخْ) يَعْنِي قَوْلَهُ فَالْتَمِسِ الْمَخْرَجَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ، وَآخِرُهُ جِيمٌ أَطْلُبُ الْخُرُوجَ مِنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ، إِمَّا بِالْقَدْحِ فِي الْبَيِّنَةِ بِمَا يُقْبَلُ فَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ، وَإِمَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنَ الْمَشْهُودِ بِهِ.
قَوْلُهُ (وَأَوَّلُ مَنْ سَأَلَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَاضِي الْكُوفَةِ وَإِمَامُهَا، وَلِيَهَا فِي زَمَنِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ فِي خِلَافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ صَدُوقٌ، اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِهِ مِنْ قِبَلِ سُوءِ حِفْظِهِ. وَقَالَ السَّاجِيُّ: كَانَ يُمْدَحُ فِي قَضَائِهِ، فَأَمَّا فِي الْحَدِيثِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: فِقْهُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَدِيثِهِ. وَحَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَغْفَلَ الْمِزِّيُّ أَنْ يُعَلِّمَ لَهُ فِي التَّهْذِيبِ عَلَامَةَ تَعْلِيقِ الْبُخَارِيِّ، كَمَا أَغْفَلَ أَنْ يُتَرْجِمَ لِسَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ أَصْلًا مَعَ أَنَّهُ أَعْلَمُ لِكُلِّ مَنْ ذَكَرَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ هُنَا مِمَّنْ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ شَيْئًا مَوْصُولًا.
قَوْلُهُ: (وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُوَ الْعَنْبَرِيُّ نِسْبَةً إِلَى بَنِي الْعَنْبَرِ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: كَانَ فَقِيهًا، وَلَّاهُ الْمَنْصُورُ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، فَبَقِيَ عَلَى قَضَائِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ، وَحَفِيدُهُ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَلِيَ قَضَاءَ الرُّصَافَةِ بِبَغْدَادَ وَالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَحَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ الثَّلَاثَةِ، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) هُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ) بِالتَّصْغِيرِ (ابْنُ مُحْرِزٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا زَايٌ هُوَ كُوفِيٌّ، مَا رَأَيْتُ لَهُ رَاوِيًا غَيْرَ أَبِي نُعَيْمٍ، وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْأَثَرِ، وَلَمْ يَزِدِ الْمِزِّيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْأَثَرُ.
قَوْلُهُ (جِئْتُ بِكِتَابٍ مِنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَاضِي الْبَصْرَةِ) أَيِ ابْنِ مَالِكٍ التَّابِعِيِّ الْمَشْهُورِ، وَكَانَ وَلِيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ فِي وِلَايَةِ الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ الثَّقَفِيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ حَدِيثُهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: مَاتَ بَعْدَ أَخِيهِ النَّضْرِ بِالْبَصْرَةِ، وَكَانَتْ وَفَاةُ النَّضْرِ قَبْلَ وَفَاةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ سَنَةَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَمِائَةٍ.
قَوْلُهُ: (فَجِئْتُ بِهِ الْقَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) أَيِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْمَسْعُودِيَّ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ وَكَانَ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ زَمَنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانَ لَا يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحًا وَهُوَ تَابِعِيٌّ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَلْقَ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ مَاتَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ.
قَوْلُهُ (فَأَجَازَهُ) بِجِيمٍ وَزَايٍ أَيْ أَمْضَاهُ وَعَمِلَ بِهِ.
(تَنْبِيهٌ): وَقَعَ فِي الْمُغْنِي لِابْنِ قُدَامَةَ: يُشْتَرَطُ فِي قَوْلِ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى أَنْ يَشْهَدَ بِكِتَابِ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي شَاهِدَانِ عَدْلَانِ، وَلَا تَكْفِي مَعْرِفَةُ خَطِّ الْقَاضِي وَخَتْمِهِ، وَحَكَى عَنِ الْحَسَنِ، وَسَوَّارٍ، وَالْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِذَا كَانَ يَعْرِفُ خَطَّهُ وَخَتْمَهُ قَبِلَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ. قُلْتُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ سَوَّارٍ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَأَلَ الْبَيِّنَةَ، وَيَنْضَمُّ إِلَى مَنْ ذَكَرَهُمُ ابْنُ قُدَامَةَ سَائِرُ مَنْ ذَكَرَهُمُ الْبُخَارِيُّ مِنْ قُضَاةِ الْأَمْصَارِ مِنَ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ.
قَوْلُهُ: (وَكَرِهَ الْحَسَنُ) هُوَ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو قِلَابَةَ هُوَ الْجَرْمِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يَشْهَدَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ أَيِ الشَّاهِدُ.
قَوْلُهُ (عَلَى وَصِيَّةٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا فِيهَا) أَمَّا أَثَرُ الْحَسَنِ فَوَصَلَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ