للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْعُزَّى بَيْنَ السَّائِبِ، وَابْنِ السَّعْدِيِّ، وَوَهِمَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ تَبَعًا لِخَلَفٍ فَأَثْبَتَ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى فِي السَّنَدِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَزَعَمَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ ابْنُ السَّاعِدِيِّ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ لَا إِثْبَاتَ حُوَيْطِبَ وَلَا الْأَلِفَ فِي السَّاعِدِيِّ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى سُقُوطِ حُوَيْطِبَ مِنْ سَنَدِ مُسْلِمٍ، أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ، وَالْمَازِرِيُّ، وَعِيَاضٌ وَغَيْرُهُمْ، وَلَكِنَّهُ ثَابِتٌ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ فِي غَيْرِ كِتَابِ مُسْلِمٍ كما أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ سَلَامَةَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي السَّائِبُ أَنَّ حُوَيْطِبًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَخْبَرَهُ فَذَكَرَهُ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ سَلَامَةَ قَالَهُ الرَّهَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فِي خِلَافَتِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَلَمْ أُحَدِّثْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّكَ تَلِي مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ) أَيِ الْوِلَايَاتِ مِنْ إِمْرَةٍ أَوْ قَضَاءٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ فَعَيَّنَ الْوِلَايَةَ.

قَوْلُهُ: (الْعُمَالَةَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ أُجْرَةَ الْعَمَلِ، وَأَمَّا الْعَمَالَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَهِيَ نَفْسُ الْعَمَلِ.

قَوْلُهُ: (مَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ) أَيْ مَا غَايَةُ قَصْدِكِ بِهَذَا الرَّدِّ. وَقَدْ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عُمَالَتِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ: أنَّ لِي أَفْرَاسًا) بِفَاءٍ وَمُهْمَلَةٍ جَمْعُ فَرَسٍ.

قَوْلُهُ (وَأَعْبُدًا) لِلْأَكْثَرِ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، وَلِلكُشْمِيهَنِيِّ بِمُثَنَّاةٍ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ عَتِيدٍ وَهُوَ الْمَالُ الْمُدَّخَرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ. وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ أَعْطَى ابْنَ السَّعْدِيِّ أَلْفَ دِينَارٍ، فَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ نَحْوَ الَّذِي هُنَا، وَرُوِّينَاهُ في الْجُزْءَ الثَّالِثَ مِنْ فَوَائِدِ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيِّ الزِّيَادَاتِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ أَلْفَ دِينَارٍ، فَرَدَدْتُهَا وَقُلْتُ: أَنَا عَنْهَا غَنِيٌّ فَذَكَرَهُ أَيْضًا بِنَحْوِهِ، وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ قَدْرَ الْعُمَالَةِ الْمَذْكُورَةِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِي أَرَدْتَ) بِالْفَتْحِ عَلَى الْخِطَابِ.

قَوْلُهُ: (يُعْطِينِي الْعَطَاءَ) أَيِ الْمَالَ الَّذِي يَقْسِمُهُ الْإِمَامُ فِي الْمَصَالِحِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: فَإِنِّي عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فَعَمَّلَنِي بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ أَعْطَانِي أُجْرَةَ عَمَلِي فَقُلْتُ مِثْلَ قَوْلِكِ.

قَوْلُهُ: (فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي) فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ فَأَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْبَاقِي سَوَاءٌ. قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: جَازَ الْفَصْلُ بَيْنَ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ وَبَيْنَ كَلِمَةِ مِنْ لِأَنَّ الْفَاصِلَ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا بَلْ هُوَ أَلْصَقُ بِهِ مِنَ الصِّلَةِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بِحَسَبِ جَوْهَرِ اللَّفْظِ، وَالصِّلَةُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا بِحَسَبِ الصِّيغَةِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ النَّبِيُّ : خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ) فِي رِوَايَةِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ تَصَدَّقْ بِهِ بِلَفْظِ أَوْ بَدَلَ الْوَاوِ، وَهُوَ أَمْرُ إِرْشَادٍ عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَشَارَ عَلَى عُمَرَ بِالْأَفْضَلِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَأْجُورًا بِإِيثَارِهِ لِعَطَائِهِ عَنْ نَفْسِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنْهُ، فَإِنَّ أَخْذَهُ لِلْعَطَاءِ وَمُبَاشَرَتَهُ لِلصَّدَقَةِ بِنَفْسِهِ أَعْظَمُ لِأَجْرِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ فَضْلِ الصَّدَقَةِ بَعْدَ التَّمَوُّلِ لِمَا فِي النُّفُوسِ مِنَ الشُّحِّ عَلَى الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (غَيْرُ مُشْرِفٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا فَاءٌ أَيْ مُتَطَلِّعٍ إِلَيْهِ، يُقَالُ أَشْرَفَ الشَّيْءَ عَلَاهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِي بَابِ مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ.

قَوْلُهُ (وَلَا سَائِلٍ) أَيْ طَالِبٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ النَّهْيُ عَنِ السُّؤَالِ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ لِغَيْرِ الضَّرُورَةِ، وَاخْتُلِفَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ وَالْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ، وَقِيلَ يُبَاحُ بِثَلَاثِ شُرُوطٍ: أَنْ لَا يُذِلَّ نَفْسَهُ، وَلَا يُلِحَّ فِي السُّؤَالِ، وَلَا يُؤْذِيَ الْمَسْئُولَ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَهِيَ حَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ.

قَوْلُهُ: (فَخُذْهُ وَإِلَّا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ) أَيْ إِنْ لَمْ يَجِئْ إِلَيْكَ فَلَا تَطْلُبْهُ، بَلِ اتْرُكْهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَنْعَهُ مِنَ الْإِيثَارِ، بَلْ لِأَنَّ أَخْذَهُ ثُمَّ مُبَاشَرَتَهُ الصَّدَقَةَ بِنَفْسِهِ أَعْظَمُ لِأَجْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: في هَذَا الْحَدِيثُ مَنْقَبَةٌ