بِالتَّعْرِيفِ لِيَكُونَ عَلَامَةً لِذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ شَدَّدَ الْوَاوَ وَقَدْ سُمِعَ بِالتَّشْدِيدِ مُنَوَّنًا قَالَ الشَّاعِرُ:
أُلَامُ عَلَى لَوٍّ وَلَوْ كُنْتُ عَالِمًا … بِأَدْبَارِ لَوٍّ لَمْ تَفُتْنِي أَوَائِلُهُ
وَقَالَ آخَرُ:
لَيْتَ شِعْرِي وَأَيْنَ مِنِّي … لَيْتَ إِنَّ لَيْتًا وَإِنَّ لَوًّا عَنَاءُ
حَاوَلْتُ لَوًّا فَقُلْتُ لَهَا: … إِنَّ لَوًّا ذَاكَ أَعْيَانَا وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: إِذَا نُسِبَ إِلَى حَرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ حُكِمَ هُوَ لِلَفْظِهِ دُونَ مَعْنَاهُ، جَازَ أَنْ يُحْكَى وَجَازَ أَنْ يُعْرَبَ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْعَامِلُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى حَرْفَيْنِ ثَانِيهُمَا حَرْفُ لِينٍ وَجُعِلَتِ اسْمًا ضُعِّفَ ثَانِيهُمَا، فَمِنْ ثَمَّ قِيلَ فِي لَوْ لَوٌّ وَفِي فِي: فِيٌّ وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: أَيْضًا الْأَدَاةُ الَّتِي حُكِمَ لَهَا بِالِاسْمِيَّةِ فِي هَذَا الِاسْتِعْمَالِ إِنْ أُوِّلَتْ بِكَلِمَةٍ مُنِعَ صَرْفُهَا إِلَّا إِنْ كَانَتْ ثُلَاثِيَّةً سَاكِنَةَ الْوَسَطِ فَيَجُوزُ صَرْفُهَا وَإِنْ أُوِّلَتْ بِلَفْظٍ صُرِفَتْ قَوْلًا وَاحِدًا. قُلْتُ: وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ مَشَايِخِهِ مَا يَجُوزُ مِنْ أَنْ لَوْ فَجُعِلَ أَصْلُهَا أَنْ لَوْ بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا نُونٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ حَرْفُ لَوْ فَأُدْغِمَتِ النُّونُ فِي اللَّامِ وَسُهِّلَتْ هَمْزَةُ أَنْ فَصَارَتْ تُشْبِهُ أَدَاةَ التَّعْرِيفِ. وَذَكَرَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا يَجُوزُ مِنْ لَوْ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ وَلَا تَشْدِيدٍ عَلَى الْأَصْلِ، وَالتَّقْدِيرُ: مَا يَجُوزُ مِنْ قَوْلِ لَوْ ثَمَّ رَأَيْتُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ التِّينِ، كَذَلِكَ فَلَعَلَّهُ مِنْ إِصْلَاحِ بَعْضِ الرُّوَاةِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْرِفْ وَجْهَهُ، وَإِلَّا فَالنُّسَخُ الْمُعْتَمَدَةُ مِنَ الصَّحِيحِ وَشُرُوحِهِ مُتَوَارِدَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ: لَوْ إِنَّمَا لَا تَدْخُلُهَا الْأَلِفُ وَلَا اللَّامُ إِذَا بَقِيَتْ عَلَى الْحَرْفِيَّةِ، أَمَّا إِذَا سُمِّيَ بِهَا فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْحُرُوفِ الَّتِي سُمِعَتِ التَّسْمِيَةُ بِهَا مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ وَحُرُوفُ الْمَعَانِي وَمِنْ شَوَاهِدِهِ قَوْلُهُ:
وَقَدَمًا أَهْلَكْتُهُ لَوْ كَثِيرًا، … وَقَبْلَ الْيَوْمِ عَالَجَهَا قِدَارُ
فَأَضَافَ إِلَيْهَا وَاوًا أُخْرَى وَأَدْغَمَهَا وَجَعَلَهَا فَاعِلًا، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَهْمِزُ لَوًّا أَيْ سَوَاءً كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى حَرْفِيَّتِهَا أَوْ سُمِّيَ بِهَا، وَأَمَّا حَدِيثُ إِيَّاكَ وَلَوْ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهَا اسْمَ إِنَّ أَنْ تَكُونَ خَرَجَتْ عَنِ الْحَرْفِيَّةِ بَلْ هُوَ إِخْبَارٌ لَفْظِيٌّ يَقَعُ فِي الِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَالْحَرْفِ ; كَقَوْلِهِمْ حَرْفُ عَنْ ثُنَائِيٌّ، وَحَرْفُ إِلَى ثُلَاثِيٌّ هُوَ إِخْبَارٌ عَنِ اللَّفْظِ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ، وَأَمَّا إِذَا أُضِيفَ إِلَيْهَا الْأَلِفُ وَاللَّامُ فَإِنَّهَا تَصِيرُ اسْمًا أَوْ تَكُونُ إِخْبَارًا عَنِ الْمَعْنَى الْمُسَمَّى بِذَلِكَ اللَّفْظِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَوْ تَدُلُّ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى امْتِنَاعِ الشَّيْءِ لِامْتِنَاعِ غَيْرِهِ تَقُولُ لَوْ جَاءَنِي زَيْدٌ لَأَكْرَمْتُكَ مَعْنَاهُ إِنِّي امْتَنَعْتُ مِنْ إِكْرَامِكَ لِامْتِنَاعِ مَجِيءِ زَيْدٍ، وَعَلَى هَذَا جَرَى أَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ.
وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَوْ حَرْفٌ لِمَا كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ أَيْ يَقْتَضي فِعْلًا مَاضِيًا كَانَ يُتَوَقَّعُ ثُبُوتُهُ لِثُبُوتِ غَيْرِهِ فَلَمْ يَقَعْ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: لِمَا كَانَ سَيَقَعُ دُونَ قَوْلِهِ: لِمَا لَمْ يَقَعْ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ ; لِأَنَّ كَانَ لِلْمَاضِي وَلَوْ لِلِامْتِنَاعِ وَلِمَا لِلْوُجُوبِ وَالسِّينُ لِلتَّوَقُّعِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ لِمُجَرَّدِ الرَّبْطِ فِي الْمَاضِي مِثْلَ إِنْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقَدْ تَجِيءُ بِمَعْنَى إِنِ الشَّرْطِيَّةِ نَحْوَ: ﴿وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾ أَيْ وَإِنْ أَعْجَبَتْكُمْ وَتَرِدُ لِلتَّقْلِيلِ، نَحْوَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ قَالَهُ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَتَبِعَهُ ابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيُّ، وَمِثْلَ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، وَتَبِعَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ، وَمَثَّلَ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحَرَّقٍ وَهُوَ أَبْلَغُ فِي التَّقْلِيلِ، وَتَرِدُ لِلْعَرْضِ نَحْوَ: لَوْ تَنْزِلُ عِنْدَنَا فَتُصِيبَ خَيْرًا وَلِلْحَضِّ نَحْوَ: لَوْ فَعَلْتَ كَذَا بِمَعْنَى افْعَلْ، وَالْأَوَّلُ طَلَبٌ بِأَدَبٍ وَلِينٍ، وَالثَّانِي طَلَبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute