للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللَّهُ تَعَالَى.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ: قَوْلُهُ (مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ، وَاسْمُ جَدِّهِ الْبَخْتَرِيُّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ، ثِقَةٌ وَاسِطِيٌّ، يُكْنَى أَبَا جَعْفَرٍ، مَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَآخَرُ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ وَهُوَ مِنَ الطَّبَقَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، وَيَزِيدُ شَيْخُهُ هُوَ ابْنُ هَارُونَ.

قَوْلُهُ: حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ) أَمَّا سَلِيمٌ فَبِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَزْنُ عَظِيمٍ وَأَبُوهُ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ وَالْقَائِلُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ هُوَ مُحَمَّدٌ وَفَاعِلُ أَثْنَى هُوَ يَزِيدُ.

قَوْلُهُ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَوْ سَمِعْتُ) الْقَائِلُ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ وَالشَّاكُّ هُوَ سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، شَكَّ فِي أَيِّ الصِّيغَتَيْنِ قَالَهَا شَيْخُهُ سَعِيدٌ، وَيَجُوزُ فِي جَابِرٍ أَنْ يُقْرَأَ بِالنَّصْبِ وَبِالرَّفْعِ، وَالنَّصْبُ أَوْلَى.

قَوْلُهُ (جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى أَسْمَائِهِمْ وَلَا أَسْمَاءِ بَعْضِهِمْ، وَلَكِنْ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ الْمُعَلَّقَةِ عَقِبِ هَذَا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ الَّذِي حَضَرَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، وَلَفْظُهُ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ جِبْرِيلَ عِنْدَ رَأْسِي وَمِيكَائِيلَ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُهُ. وَاقْتَصَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى مَنْ بَاشَرَ الْكَلَامَ مِنْهُمُ ابْتِدَاءً وَجَوَابًا، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ تَوَسَّدَ فَخِذَهُ فَرَقَدَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ ; قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ إِذْ أَنَا بِرِجَالٍ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بِهِمْ مِنَ الْجَمَالِ، فَجَلَسَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ.

قَوْلُهُ: إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا قَالَ فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَسَقَطَ لَفْظُ قَالَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ.

قَوْلُهُ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ إِلَى قَوْلِهِ يَقْظَانُ) قَالَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ هَذَا تَمْثِيلٌ يُرَادُ بِهِ حَيَاةُ الْقَلْبِ وَصِحَّةُ خَوَاطِرِهِ، يُقَالُ رَجُلٌ يَقِظٌ إِذَا كَانَ ذَكِيَّ الْقَلْبِ ; وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالُوا بَيْنَهُمْ: مَا رَأَيْنَا عَبْدًا قَطُّ أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا النَّبِيُّ، إِنَّ عَيْنَيْهِ تَنَامَانِ وَقَلْبُهُ يَقْظَانُ، اضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا، وَفِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اضْرِبْ لَهُ مَثَلًا، فَقَالَ اسْمَعْ سَمِعَ أُذُنُكَ وَاعْقِلْ عَقَلَ قَلْبُكَ إِنَّمَا مَثَلُكَ وَنَحْوُهُ فِي حَدِيثِ رَبِيعَةَ الْجَرْشِيِّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، زَادَ أَحْمَدُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالُوا اضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا وَنُؤَوِّلُ أَوْ نَضْرِبُ وَأَوِّلُوا، وَفِيهِ لِيَعْقِلْ قَلْبُكَ.

قَوْلُهُ (مَثَلَهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً) فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَثَلُ سَيِّدٍ بَنَى قَصْرًا وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بُنْيَانًا حَصِينًا ثُمَّ جَعَلَ مَأْدُبَةً فَدَعَا النَّاسَ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، فَمَنْ أَجَابَهُ أَكَلَ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرِبَ مِنْ شَرَابِهِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبْهُ عَاقَبَهُ - أَوْ قَالَ - عَذَّبَهُ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا.

وَالْمَأْدُبَةُ بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الدَّالِّ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَحُكِيَ الْفَتْحُ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ، وَقَالَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ نَحْوَهُ فِي حَدِيثِ الْقُرْآنُ مَأْدُبَةُ اللَّهِ قَالَ: وَقَالَ لِي أَبُو مُوسَى الْحَامِضُ: مَنْ قَالَهُ بِالضَّمِّ أَرَادَ الْوَلِيمَةَ، وَمَنْ قَالَهُ بِالْفَتْحِ أَرَادَ أَدَبَ اللَّهِ الَّذِي أَدَّبَ بِهِ عِبَادَهُ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ الضَّمُّ.

قَوْلُهُ: (وَبَعَثَ دَاعِيًا) فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ: ثُمَّ بَعَثَ رَسُولًا يَدْعُو النَّاسَ إِلَى طَعَامِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ الرَّسُولَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَهُ.

قَوْلُهُ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا) قِيلَ يُؤْخَذُ مِنْهُ حُجَّةٌ لِأَهْلِ التَّعْبِيرِ أَنَّ التَّعْبِيرَ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَنَامِ اعْتُمِدَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: قَوْلُهُ أَوِّلُوهَا لَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَا عَلَى مَا عُبِّرَتْ فِي النَّوْمِ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ الِاخْتِصَاصِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ لِكَوْنِ الرَّائِي النَّبِيَّ وَالْمَرْئِيِّ الْمَلَائِكَةَ، فَلَا يَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ.

قَوْلُهُ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ) هَكَذَا وَقَعَ ثَالِثَ مَرَّةٍ.

قَوْلُهُ: فَقَالُوا الدَّارُ الْجَنَّةُ) أَيِ الْمُمَثَّلُ بِهَا. زَادَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ فَاللَّهُ هُوَ الْمَلِكُ وَالدَّارُ الْإِسْلَامُ وَالْبَيْتُ الْجَنَّةُ وَأَنْتَ يَا مُحَمَّدُ رَسُولُ اللَّهِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ أَحْمَدَ أَمَّا السَّيِّدُ فَهُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَأَمَّا الْبُنْيَانُ فَهُوَ الْإِسْلَامُ وَالطَّعَامُ الْجَنَّةُ، وَمُحَمَّدٌ الدَّاعِي فَمَنِ