أَبِي هِلَالٍ أَنَّ الرُّؤْيَا كَانَتْ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ ﷺ لِقَوْلِهِ: خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ إِلَى الْجِنِّ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أَغْفَى عِنْدَ الصُّبْحِ فَجَاءُوا إِلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَيُجْمَعُ بِأَنَّ الرُّؤْيَا كَانَتْ عَلَى مَا وَصَفَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَصَّهَا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ إِذْ وَصَفَ الْمَلَائِكَةَ بِرِجَالٍ حِسَانٍ، يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُمْ تَشَكَّلُوا بِصُورَةِ الرِّجَالِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَ أَوَّلِ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ لَكِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَلَكَيْنِ، وَسَاقَ الْمَثَلَ عَلَى غَيْرِ سِيَاقِ مَنْ تَقَدَّمَ قَالَ: إِنَّ مَثَلَ هَذَا وَمَثَلَ أُمَّتِهِ كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ
انْتَهَوْا إِلَى رَأْسِ مَفَازَةٍ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مِنَ الزَّادِ مَا يَقْطَعُونَ بِهِ الْمَفَازَةَ وَلَا مَا يَرْجِعُونَ بِهِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ أَرَأَيْتُمْ إِنْ وَرَدْتُ بِكُمْ رِيَاضًا مُعْشِبَةً وَحِيَاضًا رُوَاءً، أَتَتَّبِعُونِي؟ قَالُوا: نَعَمْ ; فَانْطَلَقَ بِهِمْ فَأَوْرَدَهُمْ، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا وَسَمِنُوا، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ رِيَاضًا هِيَ أَعْشَبُ مِنْ هَذِهِ، وَحِيَاضًا أَرْوَى مِنْ هَذِهِ فَاتَّبِعُونِي، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: صَدَقَ وَاللَّهِ لَنَتَّبِعَنَّهُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: قَدْ رَضِينَا بِهَذَا، نُقِيمُ عَلَيْهِ وَهَذَا إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا قَوِيَ الْحَمْلُ عَلَى التَّعَدُّدِ إِمَّا لِلْمَنَامِ وَإِمَّا لِضَرْبِ الْمَثَلِ، وَلَكِنَّ عَلِيَّ بْنَ زَيْدٍ ضَعِيفٌ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّ الْمَقْصُودَ الْمَأْدُبَةُ وَهُوَ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ فَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا مَطْلُوبَ فِي الْجَنَّةِ إِلَّا الْوِصَالَ، وَالْحَقُّ أَنْ لَا وِصَالَ لَنَا إِلَّا بِانْقِضَاءِ الشَّهَوَاتِ الْجُثْمَانِيَّةِ وَالنَّفْسَانِيَّةِ وَالْمَحْسُوسَةِ وَالْمَعْقُولَةِ، وَجِمَاعُ ذَلِكَ كُلِّهُ فِي الْجَنَّةِ انْتَهَى. وَلَيْسَ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الرَّدِّ بِوَاضِحٍ، قَالَ وَفِيهِ مَنْ أَجَابَ الدَّعْوَةَ أُكْرِمَ وَمَنْ لَمْ يُجِبْهَا أُهِينَ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِمْ مَنْ دَعَوْنَاهُ فَلَمْ يُجِبْنَا فَلَهُ الْفَضْلُ عَلَيْنَا فَإِنْ أَجَابَنَا فَلَنَا الْفَضْلُ عَلَيْهِ. فَإِنَّهُ مَقْبُولٌ فِي النَّظَرِ، وَأَمَّا حُكْمُ الْعَبْدِ مَعَ الْمَوْلَى فَهُوَ كَمَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْحَدِيثُ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: قَوْلُهُ (سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ وَهَمَّامٌ هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، وَرِجَالُ السَّنَدِ كُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ.
قَوْلُهُ: يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَهْمُوزٌ جَمْعُ قَارِئٍ، وَالْمُرَادُ بِهِمِ الْعُلَمَاءُ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْعُبَّادُ، وَسَيَأْتِي إِيضَاحُهُ فِي الْحَدِيثِ الْحَادِي عَشَرَ.
قَوْلُهُ: اسْتَقِيمُوا) أَيِ اسْلُكُوا طَرِيقَ الِاسْتِقَامَةِ وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنِ التَّمَسُّكِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِعْلًا وَتَرْكًا، وَقَوْلُهُ فِيهِ سَبَقْتُمْ هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ التِّينِ وَحَكَى غَيْرُهُ ضَمَّهُ، وَالْأَوَّلُ الْمُعْتَمَدُ زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَإِنِ اسْتَقَمْتُمْ فَقَدْ سَبَقْتُمْ، أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَقَوْلُهُ: سَبْقًا بَعِيدًا أَيْ ظَاهِرًا وَوَصْفُهُ بِالْبُعْدِ لِأَنَّهُ غَايَةُ شَأْوِ السَّابِقِينَ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ خَاطَبَ بِذَلِكَ مَنْ أَدْرَكَ أَوَائِلَ الْإِسْلَامِ فَإِذَا تَمَسَّكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ سَبَقَ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ، لِأَنَّ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ إِنْ عَمِلَ بِعَمَلِهِ لَمْ يَصِلْ إِلَى مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْ سَبْقِهِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَإِلَّا فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ حِسًّا وَحُكْمًا.
قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا) أَيْ خَالَفْتُمُ الْأَمْرَ الْمَذْكُورَ، وَكَلَامُ حُذَيْفَةَ مُنْتَزَعٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ وَالَّذِي لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ هَذَا الْإِشَارَةُ إِلَى فَضْلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ مَضَوْا عَلَى الِاسْتِقَامَةِ، فَاسْتَشْهَدُوا بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ﷺ أَوْ عَاشُوا بَعْدَهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ فَاسْتَشْهَدُوا أَوْ مَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فِي النَّذِيرِ الْعُرْيَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الِانْتِهَاءِ عَنِ الْمَعَاصِي مِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ وَبُرَيْدٌ بِمُوَحَّدَةٍ وَرَاءٍ مُصَغَّرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَأَبُو بُرْدَةَ شَيْخُهُ هُوَ جَدُّهُ وَهُوَ ابْنُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ.
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: (قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ) يَعْنِي يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute