الْمِصْرِيَّ (وَعَبْدُ اللَّهِ) يَعْنِي كَاتِبَ اللَّيْثِ وَهُوَ أَبُو صَالِحٍ إِلَخْ، وَمُرَادُهُ أَنَّ قُتَيْبَةَ حَدَّثَهُ عَنِ اللَّيْثِ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِلَفْظِ لَوْ مَنَعُونِي كَذَا وَوَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ كَذَا وَكَذَا وَحَدَّثَهُ بِهِ يَحْيَى، وَعَبْدُ اللَّهِ، عَنِ اللَّيْثِ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ عَنَاقًا وَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَصَحُّ أَيْ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى عِقَالًا كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ أَوْ أَبْهَمَهُ كَالَّذِي وَقَعَ هُنَا.
الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ: قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ وَاسْمُ أَبِي أُوَيْسٍ عَبْدُ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ الْأَصْبَحِيُّ، وَابْنُ وَهْبٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ الْمِصْرِيُّ، وَيُونُسُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ.
قَوْلُهُ (قَدِمَ عُيَيْنَةُ) بِتَحْتَانِيَّةٍ وَنُونٍ مُصَغَّرًا (ابْنُ حِصْنٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ثُمَّ نُونٍ (ابْنُ حُذَيْفَةَ بْنُ بَدْرٍ) يَعْنِي الْفَزَارِيَّ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ، وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَوْصُوفًا بِالشَّجَاعَةِ وَالْجَهْلِ وَالْجَفَاءِ، وَلَهُ ذِكْرٌ فِي الْمَغَازِي ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْفَتْحِ وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ حُنَيْنًا فَأَعْطَاهُ مَعَ الْمُؤَلَّفَةِ، وَإِيَّاهُ عَنَى الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ بِقَوْلِهِ:
أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعَبِيـ … ـدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ
وَلَهُ ذِكْرٌ مَعَ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ حِينَ سَأَلَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُعْطِيَهِ أَرْضًا يُقْطِعَهُ إِيَّاهَا فَمَنَعَهُ عُمَرُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ ﷺ الْأَحْمَقَ الْمُطَاعَ وَكَانَ عُيَيْنَةُ مِمَّنْ وَافَقَ طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيَّ لَمَّا ادَّعَى النُّبُوَّةَ، فَلَمَّا غَلَبَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ فَرَّ طُلَيْحَةُ وَأُسِرَ عُيَيْنَةُ، فَأُتِيَ بِهِ أَبَا بَكْرٍ فَاسْتَتَابَهُ فَتَابَ، وَكَانَ قُدُومُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى عُمَرَ بَعْدَ أَنِ اسْتَقَامَ أَمْرُهُ وَشَهِدَ الْفُتُوحَ، وَفِيهِ مِنْ جَفَاءِ الْأَعْرَابِ شَيْءٌ.
قَوْلُهُ (عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ) بِلَفْظٍ ضِدِّ الْعَبْدِ، وَقَيْسٌ وَالِدُ الْحُرِّ لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا فِي الصَّحَابَةِ، وَكَأَنَّهُ مَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْحُرُّ ذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ، وَابْنُ شَاهِينَ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخٍ لَهُ أَعْمَى فَبَاتَ يُصَلِّي فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ عُيَيْنَةُ كَانَ ابْنُ أَخِي عِنْدِي أَرْبَعِينَ سَنَّةً لَا يُطِيعنِي، فَمَا أَسْرَعَ مَا أَطَاعَ قُرَيْشًا، وَفِي هَذَا إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَبَاهُ مَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
قَوْلُهُ (وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ) بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ السَّبَبَ بِقَوْلِهِ (وَكَانَ الْقُرَّاءُ) أَيِ الْعُلَمَاءُ الْعُبَّادُ (أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ) فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحُرَّ كَانَ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ ضَبْطُ قَوْلِهِ أَوْ شُبَّانًا وَأَنَّهُ بِالْوَجْهَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَمُشَاوَرَته بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِفَتْحِ الْوَاوِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا.
قَوْلُهُ: هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ جَفَاءِ عُيَيْنَةَ إِذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَنْعَتَهُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَنَازِلَ الْأَكَابِرِ.
قَوْلُهُ: فَتَسْتَأْذِنَ لِي عَلَيْهِ) أَيْ فِي خَلْوَةٍ، وَإِلَّا فَعُمَرُ كَانَ لَا يَحْتَجِبُ إِلَّا وَقْتَ خَلَوْتِهِ وَرَاحَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ لَهُ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ، أَيْ حَتَّى تَجْتَمِعَ بِهِ وَحْدَكَ.
قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ لِعُيَيْنَةَ) أَيِ الْحُرُّ، وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ (فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ) فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ الْمَاضِيَةِ فِي آخِرِ تَفْسِيرِ الْأَعْرَافِ، فَقَالَ: هِيْ، بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَفِي بَعْضِهَا هِيهِ بِكَسْرِ الْهَاءَيْنِ بَيْنَهُمَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ بَعْدَ أَنْ ضَبَطَهَا هَكَذَا: هِيْ، كَلِمَةٌ تُقَالُ فِي الِاسْتِزَادَةِ وَيُقَالُ بِالْهَمْزَةِ بَدَلَ الْهَاءِ الْأُولَى، وَسَبَقَ إِلَى ذَلِكَ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الدَّلَائِلِ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ فَقَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِيهًا قَوْلُهُ إِيهٍ بِهَمْزِ مَكْسُورٍ مَعَ التَّنْوِينِ كَلِمَةُ اسْتِزَادَةٍ مِنْ حَدِيثٍ لَا يُعْرَفُ، وَتَقُولُ: إِيهًا عَنَّا بِالنَّصْبِ أَيْ كُفَّ، قَالَ: وَقَالَ يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ السِّكِّيتِ تَقُولُ لِمَنِ اسْتَزَدْتَهُ، مِنْ عَمَلٍ أَوْ حَدِيثٍ إِيهٍ فَإِنْ وَصَلْتَ نَوَّنْتَ فَقُلْتَ إِيهٍ حَدِّثْنَا وَحَكَاهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَزَادَ فَإِذَا قُلْتَ إِيهًا بِالنَّصْبِ