فَقَالَ: وَزَادَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَكَذَا وَقَعَ هُنَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا: وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمُرَادِ بِأَبِي مَعْمَرٍ هَذَا وَتَسْمِيَةُ مَنْ وَصَلَهُ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: حَدِيثُ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِسُورَةِ الْإِخْلَاصِ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ مُعَلَّقًا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَبِهِ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَأَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ، وَوَقَعَ فِي الْأَطْرَافِ لِلْمِزِّيِّ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ. قُلْتُ: وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ تَبَعًا لِخَلَفٍ فِي الْأَطْرَافِ، قَالَ خَلَفٌ: وَمُحَمَّدُ هَذَا أَحْسَبُهُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بَعْدَ أَنْ سَاقَ الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ: ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ بِلَا خَبَرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، فَكَأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِلَفْظِ: قَالَ مُحَمَّدٌ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ، فَمُحَمَّدٌ هُوَ الْبُخَارِيُّ الْمُصَنِّفُ، وَالْقَائِلُ قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ مُحَمَّدُ الْفَرَبْرِيُّ، وَذَكَرَ الْكِرْمَانِيُّ هَذَا احْتِمَالًا. قُلْتُ: وَيَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إِلَى إِبْدَاءِ النُّكْتَةِ فِي إِفْصَاحِ الْفَرَبْرِيِّ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَاضِيَةِ وَالْآتِيَةِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَمْرٌو) هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ وَابْنُ أَبِي هِلَالٍ هُوَ سَعِيدٌ وَسَمَّاهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ.
قَوْلُهُ: (بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي تَسْمِيَتِهِ، وَهَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ مُغَايَرَةٌ أَوْ هُمَا وَاحِدٌ وَبَيَانُ مَا يَتَرَجَّحُ مِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِغَيْرِهَا ثُمَّ يَقْرَأهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَخْتِمُ بِهَا آخِرَ قِرَاءَتِهِ فَيَخْتَصُّ بِالرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: إِنَّمَا قَالَ: إِنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ، وَأَسْمَاؤُهُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الصَّحَابِيُّ الْمَذْكُورُ قَالَ ذَلِكَ مُسْتَنِدًا لِشَيْءٍ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ إِمَّا بِطَرِيقِ النُّصُوصِيَّةِ وَإِمَّا بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالُوا: صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي تَعْبُدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ إِلَى آخِرِهَا، فَقَالَ: هَذِهِ صِفَةُ رَبِّي ﷿، وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْإِخْلَاصِ الْحَدِيثَ، وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَفِيهِ: أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلَّا يَمُوتُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ يَمُوتُ إِلَّا يُورَثُ، وَاللَّهُ لَا يَمُوتُ وَلَا يُورَثُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَبَهٌ وَلَا عِدْلٌ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مَعْنَى قَوْلِهِ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَيْسَ كَهُوَ شَيْءٌ؛ قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ قَالَ: وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ﴾ يُرِيدُ بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ: كَمِثْلِهِ لِلتَّأْكِيدِ، فَنَفَى اللَّهُ عَنْهُ الْمِثْلِيَّةَ بِآكَدِ مَا يَكُونُ مِنَ النَّفْيِ، وَأَنْشَدَ لِوَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ فِي زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ مِنْ أَبْيَاتٍ: وَدِينُكَ دِينٌ لَيْسَ دِينٌ كَمِثْلِهِ ثُمَّ أَسْنَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾ يَقُولُ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ شَبَهًا أَوْ مِثْلًا؟ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَثْبَتَ أَنَّ لِلَّهِ صِفَةً، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَشَذَّ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: هَذِهِ لَفْظَةٌ اصْطَلَحَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْكَلَامِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ، وَلَمْ تَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَإِنِ اعْتَرَضُوا بِحَدِيثِ الْبَابِ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ وَفِيهِ ضَعْفٌ، قَالَ: وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ، فَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ صِفَةُ الرَّحْمَنِ كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الصِّفَةِ الَّتِي يُطْلِقُونَهَا؛ فَإِنَّهَا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لَا تُطْلَقُ إِلَّا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute