فَالْمُرَادُ تَعَلُّقُهَا بِالْكَائِنِ الْمَذْكُورِ مَعَهَا كَالطَّيِّ وَالْأَخْذِ وَالْقَبْضِ وَالْبَسْطِ وَالْقَبُولِ وَالشُّحِّ وَالْإِنْفَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ تَعَلُّقَ الصِّفَةِ بِمُقْتَضَاهَا مِنْ غَيْرِ مُمَاسَّةٍ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَشْبِيهٌ بِحَالٍ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَأْوِيلِ ذَلِكَ بِمَا يَلِيقُ بِهِ، انْتَهَى. وَسَيَأْتِي كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ:، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ … إِلَخْ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَلِكِ النَّاسِ﴾
ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ: (سُفْيَانَ) هُوَ الثَّوْرِيُّ، وَمَنْصُورٌ هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَسُلَيْمَانُ هُوَ الْأَعْمَشُ، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخَعِيُّ، وَعَبِيدَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ هُوَ ابْنُ عَمْرٍو، وَقَدْ تَابَعَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، عَنْ مَنْصُورٍ عَلَى قَوْلِهِ عَبِيدَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَنْصُورٍ كَمَا مَضَى فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الزُّمَرِ، وَفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ الْمَذْكُورَ بَعْدَهُ، وَجَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَخَالَفَهُ عَنِ الْأَعْمَشِ فِي قَوْلِهِ: عَبِيدَةَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ، وَجَرِيرٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، فَقَالُوا: كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بَدَلَ عَبِيدَةَ، وَتَصَرُّفُ الشَّيْخَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ الْأَعْمَشِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَأَمَّا ابْنُ خُزَيْمَةَ، فَقَالَ: هُوَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَفِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ وَهُمَا صَحِيحَانِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ يَحْيَى) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، رَاوِيهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَزَادَ فِيهِ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ) هُوَ مَوْصُولٌ، وَوَهَمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ، وَقَدْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ فُضَيْلٍ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ يَهُودِيًّا جَاءَ) فِي رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَفِي رِوَايَةِ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: جَاءَ حَبْرٌ بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ، زَادَ شَيْبَانُ فِي رِوَايَتِهِ: مِنَ الْأَحْبَارِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ) فِي رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي رِوَايَةِ فُضَيْلٍ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ) فِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ يَجْعَلُ بَدَلَ يُمْسِكُ، وَزَادَ فُضَيْلٌ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: أَبَلَغَكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَنَّ اللَّهَ يَحْمِلُ الْخَلَائِقَ.
قَوْلُهُ: (وَالشَّجَرُ عَلَى إِصْبَعٍ) زَادَ فِي رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ: وَالثَّرَى، وَفِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ: الْمَاءُ وَالثَّرَى، وَفِي رِوَايَةِ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ: الْجِبَالُ وَالشَّجَرُ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءُ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ.
قَوْلُهُ: (وَالْخَلَائِقُ)، أَيْ: مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ فُضَيْلٍ، وَشَيْبَانَ: وَسَائِرُ الْخَلْقِ. وَزَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ مُحَمَّدٌ: عَدَّهَا عَلَيْنَا يَحْيَى بِإِصْبَعِهِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَقَالَ: وَجَعَلَ يَحْيَى يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ يَضَعُ إِصْبَعًا عَلَى إِصْبَعٍ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا، وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْمَرْوَزِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ، وَقَالَ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُشِيرُ بِإِصْبَعٍ إِصْبَعٍ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ: مَرَّ يَهُودِيٌّ بِالنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: يَا يَهُودِيُّ حَدِّثْنَا، فَقَالَ: كَيْفَ تَقُولُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ عَلَى ذِهِ وَالْأَرْضِينَ عَلَى ذِهِ وَالْمَاءَ عَلَى ذِهِ وَالْجِبَالَ عَلَى ذِهِ وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى ذِهِ، وَأَشَارَ أَبُو جَعْفَرٍ، يَعْنِي أَحَدَ رُوَاتِهِ بِخِنْصَرٍ أَوَّلًا ثُمَّ تَابَعَ حَتَّى بَلَغَ الْإِبْهَامَ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ وَوَقَعَ فِي مُرْسَلِ مَسْرُوقٍ عِنْدَ الْهَرَوِيِّ مَرْفُوعًا نَحْوُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ) كَرَّرَهَا عَلْقَمَةُ فِي رِوَايَتِهِ، وَزَادَ فُضَيْلٌ فِي رِوَايَتِهِ: قَبْلَهَا ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ.
قَوْلُهُ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فِي رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ ضَحِكَ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ، وَلَفْظُهُ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) جَمْعُ نَاجِذٍ بِنُونٍ وَجِيمٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الضَّحِكِ مِنَ الْأَسْنَانِ، وَقِيلَ: هِيَ الْأَنْيَابُ، وَقِيلَ: الْأَضْرَاسُ، وَقِيلَ: الدَّوَاخِلُ مِنَ الْأَضْرَاسِ الَّتِي فِي أَقْصَى الْحَلْقِ، زَادَ شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ، وَفِي رِوَايَةِ فُضَيْلٍ الْمَذْكُورَةِ هُنَا: تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ: تَعَجُّبًا مِمَّا قَالَ