سَبْعِ سَمَاوَاتٍ)، أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَارِمِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ حَمَّادٍ بِهَذَا السَّنَدِ بِلَفْظِ: نَزَلَتْ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ الْآيَةَ، وَكَانَتْ تَفْخَرُ إِلَخْ ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ آخِرُ مَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ ثُلَاثِيَّاتِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِعِيسَى حَدِيثٌ آخَرُ فِي اللِّبَاسِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ ثُلَاثِيًّا وَلَفْظُهُ هُنَا: وَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَنْكَحَنِي فِي السَّمَاءِ، وَزَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْفِرْيَابِيِّ، وَأَبِي قُتَيْبَةَ، عَنْ عِيسَى: أَنْتُنَّ أَنْكَحَكُنَّ آبَاؤُكُنَّ.
وَهَذَا الْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْبَعْضِ، وَإِلَّا فَالْمُحَقَّقُ أَنَّ الَّتِي زَوَّجَهَا أَبُوهَا مِنْهُنَّ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ فَقَطْ، وَفِي سَوْدَةَ وَزَيْنَبَ بِنْتِ خُزَيْمَةَ، وَجُوَيْرِيَةَ احْتِمَالٌ، وَأَمَّا أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ، وَصَفِيَّةُ، وَمَيْمُونَةُ فَلَمْ يُزَوِّجْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ أَبُوهَا، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ: قَالَتْ زَيْنَبُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْ نِسَائِكَ، لَيْسَتْ مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ أَهْلُهَا غَيْرِي وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَوْصُولٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: قَالَتْ زَيْنَبُ: مَا أَنَا كَأَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ؛ إِنَّهُنَّ زُوِّجْنَ بِالْمُهُورِ زَوَّجَهُنَّ الْأَوْلِيَاءُ، وَأَنَا زَوَّجَنِيَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ﷺ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ، وَفِي مُرْسَلِ الشَّعْبِيِّ: قَالَتْ زَيْنَبُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْظَمُ نِسَائِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، أَنَا خَيْرُهُنَّ مَنْكِحًا وَأَكْرَمُهُنَّ سَفِيرًا وَأَقْرَبُهُنَّ رَحِمًا، فَزَوَّجَنِيكَ الرَّحْمَنُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ، وَكَانَ جِبْرِيلُ هُوَ السَّفِيرُ بِذَلِكَ، وَأَنَا ابْنَةُ عَمَّتِكَ وَلَيْسَ لَكَ مِنْ نِسَائِكَ قَرِيبَةٌ غَيْرِي، أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِ الْحُجَّةِ وَالتِّبْيَانِ لَهُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ) فِي رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ الْمَذْكُورَةِ عَقِبَ هَذَا: وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ ﷿ أَنْكَحَنِي فِي السَّمَاءِ، وَسَنَدُهُ هَذِهِ آخِرُ الثُّلَاثِيَّاتِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْبُخَارِيِّ، وَتَقَدَّمَ لِعِيسَى بْنِ طَهْمَانَ حَدِيثٌ آخَرُ غَيْرُ ثُلَاثِيٍّ تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ بِكَلَامٍ لَمْ يَقْبَلُوهُ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَأَطْعَمَ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ خُبْزًا وَلَحْمًا، يَعْنِي: فِي وَلِيمَتِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَاضِحًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ.
قَوْلُهُ: (فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، بَعْدَ قَوْلِهِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، وَعَنْ ثَابِتٍ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ إِلَخْ) كَذَا وَقَعَ مُرْسَلًا لَيْسَ فِيهِ أَنَسٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ يَعْلَى بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ مَوْصُولًا بِذِكْرِ أَنَسٍ فِيهِ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ مَوْصُولًا، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ، عَنْ حَمَّادٍ مَوْصُولًا أَيْضًا، وَقَدْ بَيَّنَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ كَيْفِيَّةَ تَزْوِيجِ زَيْنَبَ: قَالَ: لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِزَيْدٍ اذْكُرْهَا عَلَيَّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ قَوْلُهُ: فِي السَّمَاءِ ظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ، إِذِ اللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْحُلُولِ فِي الْمَكَانِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ جِهَةُ الْعُلُوِّ أَشْرَفَ مِنْ غَيْرِهَا أَضَافَهَا إِلَيْهِ إِشَارَةً إِلَى عُلُوِّ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ، وَبِنَحْوِ هَذَا أَجَابَ غَيْرُهُ عَنِ الْأَلْفَاظِ الْوَارِدَةِ مِنَ الْفَوْقِيَّةِ وَنَحْوِهَا، قَالَ الرَّاغِبُ: فَوْقَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ وَالْجِسْمِ وَالْعَدَدِ وَالْمَنْزِلَةِ وَالْقَهْرِ.
فَالْأَوَّلُ: بِاعْتِبَارِ الْعُلُوِّ وَيُقَابِلُهُ تَحْتَ نَحْوَ: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾
وَالثَّانِي: بِاعْتِبَارِ الصُّعُودِ وَالِانْحِدَارِ، نَحْوَ: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾
وَالثَّالِثُ: فِي الْعَدَدِ نَحْوَ: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾
والرَّابِعُ: فِي الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ، كَقَوْلِهِ: ﴿بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾
وَالْخَامِسُ: يَقَعُ تَارَةً بِاعْتِبَارِ الْفَضِيلَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، نَحْوَ: ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ أَوِ الْأُخْرَوِيَّةِ نَحْوَ: ﴿وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾
وَالسَّادِسُ: نَحْوَ قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾، ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ انْتَهَى مُلَخَّصًا.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ وَيَأْتِي بَعْضُ