للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَمِثْلُهُ مِنَ التَّبْكِيتِ مَا يُقَالُ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ وَلَيْسَ فِي هَذَا تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، بَلْ إِظْهَارُ خِزْيِهِمْ، وَمِثْلُهُ مَنْ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ شَعِيرَةً فَإِنَّهَا لِلزِّيَادَةِ فِي التَّوْبِيخِ وَالْعُقُوبَةِ، انْتَهَى.

وَلَمْ يَجِبْ عَنْ قِصَّةِ أَبِي لَهَبٍ، وَقَدِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ لَمْ تَقَعْ إِلَّا بِالْإِيمَانِ فَقَطْ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ طَوِيلَةُ الذَّيْلِ، لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهَا، وَقَوْلُهُ: قَالَ: مَدْحَضَةٌ: مَزِلَّةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ، وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَتَشْدِيدُ اللَّامِ، قَالَ: أَيْ: مَوْضِعُ الزَّلَلِ، وَيُقَالُ بِالْكَسْرِ فِي الْمَكَانِ، وَبِالْفَتْحِ فِي الْمَقَالِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ هُنَا الدَّحْضُ الزَّلَقُ، لِيَدْحَضُوا لِيَزْلَقُوا زَلَقًا لَا يَثْبُتُ فِيهِ قَدَمٌ، وَهَذَا قَدْ تَقَدَّمَ لَهُمْ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْكَهْفِ، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ خَطَاطِيفٌ وَكَلَالِيبٌ، تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَقَوْلُهُ: وَحَسَكَةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ. قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَغَيْرُهُ: الْحَسَكُ: نَبَاتٌ لَهُ ثَمَرٌ خَشِنٌ يَتَعَلَّقُ بِأَصْوَافِ الْغَنَمِ، وَرُبَّمَا اتُّخِذَ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيدٍ، وَهُوَ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ، وَقَوْلُهُ: مُفَلْطَحَةٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا طَاءٌ ثُمَّ حَاءٌ مُهْمَلَتَانِ، كَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: مُطَلْفَحَةٌ بِتَقْدِيمِ الطَّاءِ وَتَأْخِيرِ الْفَاءِ وَاللَّامُ قَبْلَهَا، وَلِبَعْضِهِمْ كَالْأَوَّلِ لَكِنْ بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ عَلَى الطَّاءِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ اتِّسَاعٌ وَهُوَ عَرِيضٌ، يُقَالُ: فَلْطَحَ الْقُرْصَ بَسَطَهُ وَعَرَّضَهُ، وَقَوْلُهُ: شَوْكَةٌ عَقِيفَةٌ بِالْقَافِ ثُمَّ الْفَاءِ وَزْنُ عَظِيمَةٌ، وَلِبَعْضِهِمْ عُقَيْفَاءُ بِصِيغَةِ التَّصْغِيرِ مَمْدُودٌ.

(تَنْبِيهٌ):

قَرَأْتُ فِي تَنْقِيحِ الزَّرْكَشِيِّ: وَقَعَ هُنَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بَعْدَ شَفَاعَةِ الْأَنْبِيَاءِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: بَقِيَتْ شَفَاعَتِي فَيُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا، وَتَمَسَّكَ بِهِ بَعْضُهُمْ فِي تَجْوِيزِ إِخْرَاجِ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّارِ، وَرُدَّ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ ضَعِيفَةٌ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ، كَمَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْجَمْعِ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَيْرِ الْمَنْفِيِّ مَا زَادَ عَلَى أَصْلِ الْإِقْرَارِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ هَكَذَا قَالَ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ غَلَطٌ مِنْهُ، فَإِنَّ الرِّوَايَةَ مُتَّصِلَةٌ هُنَا، وَأَمَّا نِسْبَةُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الْحَقِّ فَغَلَطٌ عَلَى غَلَطٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ إِلَّا فِي طَرِيقٍ أُخْرَى وَقَعَ فِيهَا: أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ. قَالَ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ، وَلَمَّا سَاقَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي فِي هَذَا الْبَابِ سَاقَهُ بِلَفْظِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَتَعَقَّبْنَاهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا انْقِطَاعَ فِي السَّنَدِ أَصْلًا، ثُمَّ إِنَّ لَفْظَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هُنَا لَيْسَ كَمَا سَاقَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِنَّمَا فِيهِ: فَيَقُولُ الْجَبَّارُ: بَقِيَتْ شَفَاعَتِي فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدِ امْتُحِشُوا، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ: فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الزَّرْكَشِيُّ ذَكَرَهُ بِالْمَعْنَى.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الشَّفَاعَةِ، وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ، وَقَوْلُهُ هُنَا: وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ كَذَا عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ، عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، فَقَالَ فِيهَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاع يلِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الطُّوسِيِّ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ، وَسَاقُوا الْحَدِيثَ كُلَّهُ إِلَّا النَّسَفِيَّ، فَسَاقَ مِنْهُ إِلَى قَوْلِهِ: خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَوَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْحَمَوِيِّ نَحْوُهُ، لَكِنْ قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، بَعْدَ قَوْلِهِ: حَتَّى يُهِمُّوا بِذَلِكَ، وَنَحْوُهُ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ. وَقَوْلُهُ فِيهِ: ثَلَاثُ كَذِبَاتٍ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ، وَقَوْلُهُ: فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا يُوهِمُ الْمَكَانَ وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ فِي دَارِهِ الَّذِي اتَّخَذَهَا لِأَوْلِيَائِهِ وَهِيَ الْجَنَّةُ وَهِيَ دَارُ السَّلَامِ، وَأُضِيفَتْ إِلَيْهِ إِضَافَةَ تَشْرِيفٍ مِثْلَ بَيْتِ اللَّهِ وَحَرَمِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: قَالَ قَتَادَةُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَأُخْرِجُهُمْ هُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ، وَوَقَعَ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ: وَسَمِعْتُهُ أَيْضًا يَقُولُ: وَلِلْمُسْتَمْلِي: وَسَمِعْتُهُ