للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رِوَايَةٍ لِأَبِي ذَرٍّ: أَرَبَ بِفَتْحِ الْجَمِيعِ، وَقَالَ: لَا وَجْهَ لَهُ، قُلْتُ: وَقَعَتْ فِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ.

وَقَوْلُهُ: يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ بِضَمِّ اللَّامِ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ جَرِّ صِفَةٍ لِقَوْلِهِ: بِعَمَلٍ وَيَجُوزُ الْجَزْمُ جَوَابًا لِلْأَمْرِ. وَرَدَّهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: بِعَمَلٍ يَصِيرُ غَيْرَ مَوْصُوفٍ مَعَ أَنَّهُ نَكِرَةٌ فَلَا يُفِيدُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَوْصُوفٌ تَقْدِيرًا؛ لِأَنَّ التَّنْكِيرَ لِلتَّعْظِيمِ فَأَفَادَ، وَلِأَنَّ جَزَاءَ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ إِنْ عَمِلْتُهُ يُدْخِلُنُي.

قَوْلُهُ: (وَتَصِلِ الرَّحِمَ) أَيْ: تُوَاسِي ذَوِي الْقَرَابَةِ فِي الْخَيْرَاتِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَاهُ أَنْ تُحْسِنَ إِلَى أَقَارِبِكَ ذَوِي رَحِمِكَ بِمَا تَيَسَّرَ عَلَى حَسَبِ حَالِكَ وَحَالِهِمْ مِنْ إِنْفَاقٍ أَوْ سَلَامٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ طَاعَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَخَصَّ هَذِهِ الْخَصْلَةَ مِنْ بَيْنِ خِلَالِ الْخَيْرِ نَظَرًا إِلَى حَالِ السَّائِلِ، كَأَنَّهُ كَانَ لَا يَصِلُ رَحِمَهُ، فَأَمَرَهُ بِهِ لِأَنَّهُ الْمُهِمُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَخْصِيصُ بَعْضِ الْأَعْمَالِ بِالْحَضِّ عَلَيْهَا بِحَسَبِ حَالِ الْمُخَاطَبِ وَافْتِقَارِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِمَّا سِوَاهَا، إِمَّا لِمَشَقَّتِهَا عَلَيْهِ، وَإِمَّا لِتَسْهِيلِهِ فِي أَمْرِهَا.

قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ الْمُصَنِّفُ.

قَوْلُهُ: (أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ غَيْرَ مَحْفُوظٍ، إِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو) وَجَزَمَ فِي التَّارِيخِ بِذَلِكَ، وَكَذَا قَالَ مُسْلِمٌ فِي شُيُوخِ شُعْبَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ فِي الْعِلَلِ وَآخَرُونَ: الْمَحْفُوظُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ وَهْمٌ مِنْ شُعْبَةَ، وَأَنَّ الصَّوَابَ عَمْرٌو، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي حَيَّانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو زُرْعَةَ عَنْ النَّبِيِّ بِهَذَا.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كَوْنِ الْأَعْرَابِيِّ السَّائِلِ فِيهِ، هَلْ هُوَ السَّائِلُ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ أَوْ لَا، وَالْأَعْرَابِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَقَعَ عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ هُنَا: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حَيَّانَ، أَوْ: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ. وَهُوَ خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ، كَمَا لِغَيْرِهِ مِنَ الرُّوَاةِ.

قَوْلُهُ: (وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ) قِيلَ: فَرَّقَ بَيْنَ الْقَيْدَيْنِ كَرَاهِيَةً لِتَكْرِيرِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ، وَقِيلَ: عَبَّرَ فِي الزَّكَاةِ بِالْمَفْرُوضَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ؛ فَإِنَّهَا زَكَاةٌ لُغَوِيَّةٌ، وَقِيلَ: احْتَرَزَ مِنَ الزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ؛ فَإِنَّهَا زَكَاةٌ وَلَيْسَتْ مَفْرُوضَةً.

قَوْلُهُ فِيهِ: (وَتَصُومُ رَمَضَانَ) لَمْ يَذْكُرِ الْحَجَّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ حَاجًّا، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لَهُ فَاخْتَصَرَهُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا) زَادَ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَفَّانَ بِهَذَا السَّنَدِ: شَيْئًا أَبَدًا، وَلَا أُنْقِصُ مِنْهُ. وَبَاقِي الْحَدِيثِ مِثْلُهُ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا) إِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فَأَخْبَرَ بِهِ، أَوْ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: إِنْ دَامَ عَلَى فِعْلِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا: إِنْ تَمَسَّكَ بِمَا أُمِرَ بِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ - وَكَذَا حَدِيثُ طَلْحَةَ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ وَغَيْرِهِمَا - دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ تَرْكِ التَّطَوُّعَاتِ، لَكِنْ مَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ كَانَ نَقْصًا فِي دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ تَرْكُهَا تَهَاوُنًا بِهَا وَرَغْبَةً عَنْهَا كَانَ ذَلِكَ فِسْقًا، يَعْنِي لِوُرُودِ الْوَعِيدِ عَلَيْهِ، حَيْثُ قَالَ : مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي. وَقَدْ كَانَ صَدْرُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ يُوَاظِبُونَ عَلَى السُّنَنِ مُوَاظَبَتَهُمْ عَلَى الْفَرَائِضِ، وَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا فِي اغْتِنَامِ ثَوَابِهِمَا. وَإِنَّمَا احْتَاجَ الْفُقَهَاءُ إِلَى التَّفْرِقَةِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ وَتَرْكِهَا وَوُجُوبِ الْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ وَنَفْيِهِ، وَلَعَلَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الْقِصَصِ كَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ فَاكْتَفَى مِنْهُمْ بِفِعْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ الْحَالِ؛ لِئَلَّا يَثْقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَيَمَلُّوا، حَتَّى إِذَا انْشَرَحَتْ صُدُورُهُمْ لِلْفَهْمِ عَنْهُ وَالْحِرْصِ عَلَى تَحْصِيلِ ثَوَابِ الْمَنْدُوبَاتِ سَهُلَتْ عَلَيْهِمُ. انْتَهَى.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا فِي شَرْحِ حَدِيثِ طَلْحَةَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى) هُوَ الْقَطَّانُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي حَيَّانَ) هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَصْرِيحَ أَبِي حَيَّانَ بِسَمَاعِهِ