للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَأُقَاتِلَنَّهُمْ.

قَوْلُهُ: (اجْتَاحَ) بِجِيمٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ أَيْ أَهْلَكَ أَصْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَحَذَفَ الْجَزَاءَ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى تَأَدُّبًا مَعَ النَّبِيِّ وَالْمَعْنَى وَإِنْ تَكُنِ الْغَلَبَةُ لِقُرَيْشٍ لَا آمَنُهُمْ عَلَيْكَ مَثَلًا. وَقَوْلُهُ: (فَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَرَى وُجُوهًا إِلَخْ) كَالتَّعْلِيلِ لِهَذَا الْقَدْرِ الْمَحْذُوفِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عُرْوَةَ رَدَّدَ الْأَمْرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ غَيْرِ مُسْتَحْسَنَيْنِ عَادَةً وَهُوَ هَلَاكُ قَوْمِهِ إِنْ غَلَبَ، وَذَهَابُ أَصْحَابِهِ إِنْ غُلِبَ، لَكِنْ كُلٌّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ مُسْتَحْسَنٌ شَرْعًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾

قَوْلُهُ: (أَشْوَابًا) بِتَقْدِيمِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى الْوَاوِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ، وَوَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَوْشَابًا بِتَقْدِيمِ الْوَاوِ، وَالْأَشْوَابُ الْأَخْلَاطُ مِنْ أَنْوَاعٍ شَتَّى، وَالْأَوْبَاشُ (١) الْأَخْلَاطُ مِنَ السَّفَلَةِ، فَالْأَوْبَاشُ أَخَصُّ مِنَ الْأَشْوَابِ.

قَوْلُهُ: (خَلِيقًا) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ أَيْ حَقِيقًا وَزْنًا وَمَعْنًى، وَيُقَالُ خَلِيقٌ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَلِذَلِكَ وَقَعَ صِفَةً لِأَشْوَابٍ.

قَوْلُهُ: (وَيَدَعُوكَ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ يَتْرُكُوكَ، فِي رِوَايَةِ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ مَنْ سَمَّيْتُهُ وَكَأَنّي بِهِمْ لَوْ قَدْ لَقِيتَ قُرَيْشًا قَدْ أَسْلَمُوكَ فَتُؤْخَذُ أَسِيرًا فَأَيُّ شَيْءٍ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا وَفِيهِ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ أَنَّ الْجُيُوشَ الْمُجَمَّعَةَ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا الْفِرَارُ بِخِلَافِ مَنْ كَانَ مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُمْ يَأْنَفُونَ الْفِرَارَ فِي الْعَادَةِ. وَمَا دَرَى عُرْوَةُ أَنَّ مَوَدَّةَ الْإِسْلَامِ أَعْظَمُ مِنْ مَوَدَّةِ الْقَرَابَةِ، وَقَدْ ظَهَرَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ مُبَالَغَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي تَعْظِيمِ النَّبِيِّ كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ) زَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ قَاعِدٌ فَقَالَ.

قَوْلُهُ: (امْصَصْ بَظْرَ اللَّاتِ) زَادَ ابْنُ عَائِذٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهِيَ - أَيِ اللَّاتُ - طَاغِيَتُهُ الَّتِي يَعْبُدُ أَيْ طَاغِيَةُ عُرْوَةَ. وَقَوْلُهُ امْصَصْ بِأَلِفِ وَصْلٍ وَمُهْمَلَتَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ عَنْ رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ ضَمَّ الصَّادِ الْأُولَى وَخَطَّأَهَا، وَالْبَظْرُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ قِطْعَةٌ تَبْقَى بَعْدَ الْخِتَانِ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ، وَاللَّاتُ اسْمُ أَحَدِ الْأَصْنَامِ الَّتِي كَانَتْ قُرَيْشٌ وَثَقِيفٌ يَعْبُدُونَهَا، وَكَانَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ الشَّتْمُ بِذَلِكَ لَكِنْ بِلَفْظِ الْأُمِّ فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ الْمُبَالَغَةَ فِي سَبِّ عُرْوَةَ بِإِقَامَةِ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مَقَامَ أُمِّهِ، وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ مَا أَغْضَبَهُ بِهِ مِنْ نِسْبَةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْفِرَارِ، وَفِيهِ جَوَازُ النُّطْقُ بِمَا يُسْتَبْشَعُ مِنَ الْأَلْفَاظِ لِإِرَادَةِ زَجْرِ مَنْ بَدَا مِنْهُ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: فِي قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ تَخْسِيسٌ لِلْعَدُوِّ وَتَكْذِيبُهُمْ وَتَعْرِيضٌ بِإِلْزَامِهِمْ مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ اللَّاتَ بِنْتُ اللَّهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا، بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِنْتًا لَكَانَ لَهَا مَا يَكُونُ لِلْإِنَاثِ.

قَوْلُهُ: (أَنَحْنُ نَفِرُّ) اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ.

قَوْلُهُ: (مَنْ ذَا؟ قَالُوا: أَبُو بَكْرٍ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: هَذَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ.

قَوْلُهُ: (أَمَا) هُوَ حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ، وَقَوْلُهُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَسَمَ بِذَلِكَ كَانَ عَادَةً لِلْعَرَبِ.

قَوْلُهُ: (لَوْلَا يَدٌ) أَيْ نِعْمَةٌ، وَقَوْلُهُ: (لَمْ أَجْزِكَ بِهَا) أَيْ لَمْ أُكَافِئْكَ بِهَا، زَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَلَكِنَّ هَذِهِ بِهَا أَيْ جَازَاهُ بِعَدَمِ إِجَابَتِهِ عَنْ شَتْمِهِ بِيَدِهِ الَّتِي كَانَ أَحْسَنَ إِلَيْهِ بِهَا، وَبَيَّنَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْإِمَامِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْيَدَ الْمَذْكُورَةَ أَنَّ عُرْوَةَ كَانَ تَحَمَّلَ بِدِيَةٍ فَأَعَانَهُ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا بِعَوْنٍ حَسَنٍ، وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ عَشْرِ قَلَائِصَ.

قَوْلُهُ: (قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ بِالسَّيْفِ) فِيهِ جَوَازُ الْقِيَامُ عَلَى رَأْسِ الْأَمِيرِ بِالسَّيْفِ بِقَصْدِ الْحِرَاسَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ تَرْهِيبِ الْعَدُوِّ، وَلَا يُعَارِضُهُ النَّهْيُ عَنِ الْقِيَامِ عَلَى رَأْسِ الْجَالِسِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِ.

قَوْلُهُ: (فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ) فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَجَعَلَ يَتَنَاوَلُ لِحْيَةَ النَّبِيِّ وَهُوَ يُكَلِّمُهُ.

قَوْلُهُ:


(١) وهي رواية في الحديث كما صرح القسطلاني.