ابْنِ عَبَّاسٍ لِكَوْنِ مَخْرَجُهُ عَنْ آلِ عَلِيٍّ ﵃.
قَوْلُهُ: (مَعَ صَاحِبَيْكَ) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَا وَقَعَ وَهُوَ دَفْنُهُ عِنْدَهُمَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْمَعِيَّةِ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِصَاحِبَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ، وَقَوْلُهُ وَحَسِبْتُ أَنِّي يَجُوزُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَكَسْرُهَا، وَتَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ بِلَفْظِ لِأَنِّي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ وَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ، وَمَا إِبْهَامِيَّةٌ مُؤَكِّدَةٌ، وَكَثِيرًا ظَرْفُ زَمَانٍ وَعَامِلُهُ كَانَ قُدِّمَ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ﴾ وَوَقَعَ لِلْأَكْثَرِ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُ أَسْمَعُ بِزِيَادَةِ مِنْ وَوُجِّهَتْ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَنِّي أَجِدُ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُ أَسْمَعُ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ حَدِيثُ اثْبُتْ أُحُدٌ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةٌ) هُوَ ابْنُ خَيَّاطٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ بِمُهْمَلَةٍ وَتَخْفِيفٍ وَمَدٍّ هُوَ السَّدُوسِيُّ الْبَصْرِيُّ، أَخْرَجَ لَهُ هُنَا وَفِي الْأَدَبِ، وَكَهْمَسٌ بِمُهْمَلَةٍ وَزْنَ جَعْفَرٍ هُوَ ابْنُ الْمِنْهَالِ سَدُوسِيٌّ أَيْضًا بَصْرِيٌّ مَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَسَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَسَقَطَ جَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَاقْتَصَرَ عَلَى طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ.
قَوْلُهُ: (فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ) تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ بِلَفْظِ: فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ فَتَكُونُ أَوْ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَيَكُونُ لَفْظُ شَهِيدٍ لِلْجِنْسِ، وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ بِلَفْظِ: نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ فَقِيلَ: أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَقِيلَ: تَغْيِيرُ الْأُسْلُوبِ لِلْإِشْعَارِ بِمُغَايَرَةِ الْحَالِ لِأَنَّ صِفَتَيِ النُّبُوَّةِ وَالصِّدِّيقِيَّةِ كَانَتَا حَاصِلَتَيْنِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ صِفَةِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَقَعَتْ حِينَئِذٍ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي عُمَرُ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ) وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ أَيِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (سَأَلَنِي ابْنُ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ شَأْنِهِ يَعْنِي عُمَرَ) يُرِيدُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَأَلَ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ عَنْ بَعْضِ شَأْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ مَا رَأَيْتُ) هُوَ مَقُولُ ابْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (أَجَدُّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالتَّشْدِيدِ أَفْعَلُ مِنْ جَدَّ: إِذَا اجْتَهَدَ، وَأَجْوَدُ أَفْعَلُ مِنَ الْجُودِ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْبَعْدِيَّةِ فِي الصِّفَاتِ وَلَا يَتَعَرَّضُ فِيهِ لِلزَّمَانِ فَيَتَنَاوَلُ زَمَانَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمَا بَعْدَهُ، فَيُشْكِلُ بِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَبِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ كَانَ يَتَّصِفُ بِالْجُودِ الْمُفْرِطِ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَيُشْكِلُ بِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَيْضًا، وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ بِزَمَانِ خِلَافَتِهِ، وَأَجْوَدُ: أَفْعَلُ مِنَ الْجُودِ أَيْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَجَدَّ مِنْهُ فِي الْأُمُورِ وَلَا أَجْوَدَ بِالْأَمْوَالِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ لِيَخْرُجَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ مِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى انْتَهَى) أَيْ إِلَى آخِرَ عُمْرَهُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَاعِلَ انْتَهَى عُمَرُ، وَقَائِلُ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ انْتَهَى ابْنُ عُمَرَ أَيِ انْتَهَى فِي الْإِنْصَافِ بَعْدَ أَجَدَّ وَأَجْوَدَ حَتَّى فَرَغَ مِمَّا عِنْدَهُ، وَقَائِلُ ذَلِكَ نَافِعٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ السَّاعَةِ هُوَ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ الْيَمَانِيُّ، وَزَعَمَ ابْنُ بَشْكُوَالَ أَنَّهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَوْ أَبُو ذَرٍّ. ثُمَّ سَاقَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَرْءُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَرْءُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ بِعَمَلِهِمْ وَسُؤَالُ هَذَيْنِ إِنَّمَا وَقَعَ عَنِ الْعَمَلِ، وَالسُّؤَالُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ إِنَّمَا وَقَعَ عَنِ السَّاعَةِ، فَدَلَّ عَلَى التَّعَدُّدِ. وَسَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ السَّائِلَ عَنِ السَّاعَةِ أَعْرَابِيٌّ، وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: وَمَا أَعَدَدْتَ لَهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هُوَ الْأَعْرَابِيُّ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ، وَتَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ أَنَّهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ الْيَمَانِيُّ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي دَلَائِلِ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ، وَسَيَأْتِي شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ