للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَيْتٍ مَنْ سَيُوسِعُهُمْ فِي دِينِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ، ثُمَّ خَتَمَ لَكَ بِالشَّهَادَةِ، فَهَنِيئًا لَكَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ الْمَغْرُورَ مَنْ تَغُرُّونَهُ. ثُمَّ قَالَ: أَتَشْهَدُ لِي يَا عَبْدَ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ. وَفِي رِوَايَةِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ أَيْضًا: قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - وَذَكَرَ لَهُ فِعْلَ عُمَرَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَخَشْيَتِهِ مِنْ رَبِّهِ فَقَالَ -: هَكَذَا الْمُؤْمِنُ جَمَعَ إِحْسَانًا وَشَفَقَةً، وَالْمُنَافِقُ جَمْعَ إِسَاءَةً وَعِزَّةً، وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ إِنْسَانًا ازْدَادَ إِحْسَانًا إِلَّا وَجَدْتُهُ ازْدَادَ مَخَافَةً وَشَفَقَةً، وَلَا ازْدَادَ إِسَاءَةً إِلَّا ازْدَادَ عِزَّةً.

قَوْلُهُ: (يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، انْظُرْ مَاذَا عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ، فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَهُ) فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ عُمَرَ إِذَا مُتُّ فَدَفَنْتَنِي أَنْ لَا تَغْسِلَ رَأْسَكَ حَتَّى تَبِيعَ مِنْ رِبَاعِ آلِ عُمَرَ بِثَمَانِينَ أَلْفًا فَتَضَعَهَا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَسَأَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَقَالَ: أَنْفَقْتُهَا فِي حِجَجٍ حَجَجْتُهَا، وَفِي نَوَائِبَ كَانَتْ تَنُوبُنِي، وَعُرِفَ بِهَذَا جِهَةُ دَيْنِ عُمَرَ. قَالَ ابْنُ التِّينِ: قَدْ عَلِمَ عُمَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَرَامَةُ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَعَجَّلَ مِنْ عَمَلِهِ شَيْئًا فِي الدُّنْيَا. وَوَقَعَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ أَنَّ دَيْنَ عُمَرَ كَانَ سِتَّةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا، وَبِهِ جَزَمَ عِيَاضٌ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (إِنْ وَفَّى لَهُ مَالُ آلِ عُمَرَ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ نَفْسَهُ، وَمِثْلُهُ يَقَعُ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ رَهْطَهُ. وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَلْ فِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ هُمُ الْبَطْنُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ، وَقُرَيْشٌ قَبِيلَتُهُ، وَقَوْلُهُ: لَا تَعْدُهُمْ بِسُكُونِ الْعَيْنِ أَيْ لَا تَتَجَاوَزُهُمْ، وَقَدْ أَنْكَرَ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنْ يَكُونَ عَلَى عُمَرَ دَيْنٌ، فَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ نَافِعًا قَالَ: مِنْ أَيْنَ يَكُونُ عَلَى عُمَرَ دَيْنٌ وَقَدْ بَاعَ رَجُلٌ مِنْ وَرَثَتِهِ مِيرَاثَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ؟ انْتَهَى. وَهَذَا لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ عِنْدَ مَوْتِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَدْ يَكُونُ الشَّخْصُ كَثِيرَ الْمَالِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الدَّيْنِ عَنْهُ، فَلَعَلَّ نَافِعًا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُ لَمْ يُقْضَ.

قَوْلُهُ: (فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَمِيرًا) قَالَ ابْنُ التِّينِ: إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عِنْدَمَا أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ، إِشَارَةً بِذَلِكَ إِلَى عَائِشَةَ حَتَّى لَا تُحَابِيهِ لِكَوْنِهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ، فَيُحْمَلُ هَذَا النَّفْيُ عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَ أَنَّ سُؤَالَهُ لَهَا بِطَرِيقِ الطَّلَبِ لَا بِطَرِيقِ الْأَمْرِ.

قَوْلُهُ: (وَلَأُوثِرَنَّهُ بِهِ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي) اسْتُدِلَّ بِهِ وَبِاسْتِئْذَانِ عُمَرَ لَهَا عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ تَمْلِكُ الْبَيْتَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلِ الْوَاقِعُ أَنَّهَا كَانَتْ تَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ بِالسُّكْنَى فِيهِ وَالْإِسْكَانِ وَلَا يُورَثُ عَنْهَا، وَحُكْمُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ كَالْمُعْتَدَّاتِ لِأَنَّهُنَّ لَا يَتَزَوَّجْنَ بَعْدَهُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ، وَتَقَدَّمَ فِيهِ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِ عَائِشَةَ لَأُوثِرَنَّهُ عَلَى نَفْسِي وَبَيْنَ قَوْلِهَا لِابْنِ الزُّبَيْرِ: لَا تَدْفِنِّي عِنْدَهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ ظَنَّتْ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ هُنَاكَ وُسْعٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهَا إِمْكَانُ ذَلِكَ بَعْدَ دَفْنِ عُمَرَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهَا بِقَوْلِهَا لَأُ ثِرَنَّهُ عَلَى نَفْسِي الْإِشَارَةَ إِلَى أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ فِي ذَلِكَ لَامْتَنَعَ عَلَيْهَا الدَّفْنُ هُنَاكَ لِمَكَانِ عُمَرَ لِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا بِخِلَافِ أَبِيهَا وَزَوْجِهَا، وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَكَانِ سَعَةٌ أَمْ لَا، وَلِهَذَا كَانَتْ تَقُولُ بَعْدَ أَنْ دُفِنَ عُمَرُ: لَمْ أَضَعْ ثِيَابِي عَنِّي مُنْذُ دُفِنَ عُمَرُ فِي بَيْتِي أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ، وَرُوِيَ عَنْهَا فِي حَدِيثٍ لَا يَثْبُتُ أَنَّهَا اسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ إِنْ عَاشَتْ بَعْدَهُ أَنْ تُدْفَنَ إِلَى جَانِبِهِ فَقَالَ، لَهَا: وَأَنَّى لَكِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إِلَّا قَبْرِي وَقَبْرُ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَفِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: إِنَّ قُبُورَ الثَّلَاثَةِ فِي صُفَّةِ بَيْتِ عَائِشَةَ، وَهُنَاكَ مَوْضِعُ قَبْرٍ يُدْفَنُ فِيهِ عِيسَى .

قَوْلُهُ: (ارْفَعُونِي) أَيْ مِنَ الْأَرْضِ، كَأَنَّهُ كَانَ مُضْطَجِعًا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقْعِدُوهُ.

قَوْلُهُ: (فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ الْمُبَارَكِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ قَالَ: فَقَالَ لَهُ