عَجِبْتَ وَلَمْ تَشْكُكْ بِأَنَّ مُحَمَّدًا … نَبِيٌّ وَبُرْهَانٌ فَمَنْ ذَا يُكَاتِمُهُ
وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّ سُرَاقَةَ عَارَضَهُمْ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ بِقُدَيْدٍ. الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ:
قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَقِيَ الزُّبَيْرَ فِي رَكْبٍ) هُوَ مُتَّصِلٌ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا، وَقَدْ أَفْرَدَهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَلَمْ يَسْتَخْرِجْهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَصْلًا وَصُورَتُهُ مُرْسَلٌ، لَكِنَّهُ وَصَلَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّبَيْرَ بِهِ، وَأَفَادَ أَنَّ قَوْلَهُ وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ .. إِلَخْ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. وَأَخْرَجَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهِ وَأَتَمَّ مِنْهُ وَزَادَ قَالَ: وَيُقَالُ: لَمَّا دَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ طَلْحَةُ قَدِمَ مِنَ الشَّامِ، فَخَرَجَ عَائِدًا إِلَى مَكَّةَ إِمَّا مُتَلَقِّيًا وَإِمَّا مُعْتَمِرًا، وَمَعَهُ ثِيَابٌ أَهْدَاهَا لِأَبِي بَكْرٍ مِنْ ثِيَابِ الشَّامِ، فَلَمَّا لَقِيَهُ أَعْطَاهُ فَلَبِسَ مِنْهَا هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ انْتَهَى.
وَهَذَا إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ طَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ أَهْدَى لَهُمَا مِنَ الثِّيَابِ. وَالَّذِي فِي السِّيَرِ هُوَ الثَّانِي، وَمَالَ الدِّمْيَاطِيُّ إِلَى تَرْجِيحِهِ عَلَى عَادَتِهِ فِي تَرْجِيحِ مَا فِي السِّيَرِ عَلَى مَا فِي الصَّحِيحِ، وَالْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا طَلْحَةُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، وَالَّتِي فِي الصَّحِيحِ مِنْ طَرِيقِ عَقِيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ. ثُمَّ وَجَدْتُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَ رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَعِنْدَ ابْنِ عَائِذٍ فِي الْمَغَازِي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ خَرَجَ عُمَرُ، وَالزُّبَيْرُ، وَطَلْحَةُ، وَعُثْمَانُ، وَعَيَّاشُ بْنُ رَبِيعَةَ نَحْوَ الْمَدِينَةِ، فَتَوَجَّهَ عُثْمَانُ، وَطَلْحَةُ إِلَى الشَّامِ فَتَعَيَّنَ تَصْحِيحُ الْقَوْلَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ) فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَلَمَّا سَمِعَ الْمُسْلِمُونَ.
قَوْلُهُ: (يَغْدُونَ) بِسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَخْرُجُونَ غُدْوَةً، وَفِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: لَمَّا بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ ﷺ كُنَّا نَخْرُجُ فَنَجْلِسُ لَهُ بِظَاهِرِ الْحَرَّةِ نَلْجَأُ إِلَى ظِلِّ الْمَدَرِ حَتَّى تَغْلِبَنَا عَلَيْهِ الشَّمْسُ ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى رِحَالِنَا.
قَوْلُهُ: (حَتَّى يَرُدَّهُمْ) فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ يُؤْذِيهِمْ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعْدٍ فَإِذَا أَحْرَقَتْهُمْ رَجَعُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي خَلِيفَةَ فِي حَدِيثِ أَبِي الْبَرَاءِ حَتَّى أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلًا.
قَوْلُهُ: (فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَمَا طَالَ (١) انْتِظَارَهُمْ) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمِ حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ جَلَسْنَا كَمَا كُنَّا نَجْلِسُ حَتَّى إِذَا رَجَعْنَا جَاءَ.
قَوْلُهُ: (أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ) أَيْ طَلَعَ إِلَى مَكَانٍ عَالٍ فَأَشْرَفَ مِنْهُ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الْيَهُودِيِّ.
قَوْلُهُ: (أُطُمٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ هُوَ الْحِصْنُ، وَيُقَالُ: كَانَ بِنَاءً مِنْ حِجَارَةٍ كَالْقَصْرِ.
قَوْلُهُ: (مُبَيَّضِينَ) أَيْ عَلَيْهِمُ الثِّيَابُ الْبِيضُ الَّتِي كَسَاهُمْ إِيَّاهَا الزُّبَيْرُ أَوْ طَلْحَةُ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مُسْتَعْجِلِينَ، وَحَكَى عَنِ ابْنِ فَارِسٍ يُقَالُ: بَايِضٌ أَيْ مُسْتَعْجِلٌ.
قَوْلُهُ: (يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ) أَيْ يَزُولُ السَّرَابُ عَنِ النَّظَرِ بِسَبَبِ عُرُوضِهِمْ لَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ظَهَرَتْ حَرَكَتُهُمْ لِلْعَيْنِ.
قَوْلُهُ: (يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمٍ يَا بَنِي قَيْلَةَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَهِيَ الْجَدَّةُ الْكُبْرَى لِلْأَنْصَارِ وَالِدَةِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَهِيَ قَيْلَةُ بِنْتُ كَاهِلِ بْنِ عُذْرَةَ.
قَوْلُهُ: (هَذَا جَدُّكُمْ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ حَظُّكُمْ وَصَاحِبُ دَوْلَتِكُمُ الَّذِي تَتَوَقَّعُونَهُ، وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ هَذَا صَاحِبُكُمْ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ) أَيِ ابْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ وَمَنَازِلُهُمْ بِقُبَاءَ، وَهِيَ عَلَى فَرْسَخٍ مِنَ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ
(١) في نسخة المتن "بعدما أطالو".