وَهُوَ دَالٌّ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ اسْمِ اللَّهِ مَعَ غَيْرِهِ فِي ضَمِيرٍ وَاحِدٍ، فَيُرَدُّ بِهِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ لِلْخَطِيبِ: بِئْسَ خَطِيبُ الْقَوْمِ أَنْتَ لِكَوْنِهِ قَالَ: وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى مَبَاحِثِ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: (فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: صَوَابُهُ فَكُفِّئَتْ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: كَفَأْتُ الْإِنَاءَ قَلَبْتُهُ، وَلَا يُقَالُ: أَكْفَأْتُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أُمِيلَتْ حَتَّى أُزِيلَ مَا فِيهَا. قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَكْفَأْتُ الْإِنَاءَ أَمَلْتُهُ.
٤٢٠٠ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ الصُّبْحَ قَرِيبًا مِنْ خَيْبَرَ بِغَلَسٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ. فَخَرَجُوا يَسْمعَوْنَ فِي السِّكَكِ، فَقَتَلَ النَّبِيُّ ﷺ الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ، وَكَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ، فَصَارَتْ إِلَى دَحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، لِثَابِتٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، آنْتَ قُلْتَ لِأَنَسٍ: مَا أَصْدَقَهَا؟ فَحَرَّكَ ثَابِتٌ رَأْسَهُ تَصْدِيقًا لَهُ.
٤٢٠١ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ﵁ يَقُولُ: سَبَى النَّبِيُّ ﷺ صَفِيَّةَ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَقَالَ ثَابِتٌ، لِأَنَسٍ: مَا أَصْدَقَهَا؟ قَالَ: أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا فَأَعْتَقَهَا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ) تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مَعَ ثَابِتٍ، عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ.
قَوْلُهُ: (فَخَرَجُوا يَسْمعَوْنَ فِي السِّكَكِ، فَقَتَلَ النَّبِيُّ ﷺ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ) فِيهِ اخْتِصَارٌ كَبِيرٌ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ عَقِبَ الْإِغَارَةِ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَقَامَ عَلَى مُحَاصَرَتِهِمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ: إِنَّهُمْ أَصَابَتْهُمْ مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى طُولِ مُدَّةِ الْحِصَارِ، إِذْ لَوْ وَقَعَ الْفَتْحُ مِنْ يَوْمِهِمْ لَمْ يَقَعْ لَهُمْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْآتِيَيْنِ قَرِيبًا فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ مَا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ، وَكَذَا فِي حَدِيثِ سَهْلٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ، وَكَذَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُمْ حَاصَرُوهُمْ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ أَنَسٍ أَيْضًا فِي ذِكْرِ صَفِيَّةَ، ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقِيْنِ، وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ ثَالِثٍ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا سِيَاقًا. وَصْفِيَّةُ هِيَ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ بْنِ سَعْيَةَ - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ - ابْنُ عَامِرِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ كَعْبٍ، مِنْ ذُرِّيَّةِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ أَخِي مُوسَى ﵉، وَأُمُّهَا بَرَّةُ بِنْتُ شَمْوَالَ مِنْ بَنِي قُرَيْظ ةَ، وَكَانَتْ تَحْتَ سَلَّامِ بْنِ مِشْكَمِ الْقُرَظِيِّ ثُمَّ فَارَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ النَّضِيرِيُّ فَقُتِلَ عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ وَأَسْنَدَ بَعْضَهُ مِنْ وَجْهٍ مُرْسَلٍ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ فَصَارَتْ إِلَى دِحْيَةَ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ: فَجَاءَ دِحْيَةُ فَقَالَ: أَعْطِنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ. قَالَ: اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً. فَأَخَذَ صَفِيَّةَ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ؟ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لَكَ. قَالَ: ادْعُوهُ بِهَا. فَجَاءَ بِهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ ﷺ قَالَ: خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا. وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ صَفِيَّةَ سُبِيَتْ مِنْ حِصْنِ الْقَمُوصِ وَهُوَ حِصْنُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ، وَكَانَتْ تَحْتَ كِنَانَةَ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute