مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَإِمَّا انْتِظَارًا لِلْوَحْيِ، وَإِمَّا تَفَكُّرًا فِي جَوَابٍ يُنَاسِبُ الْمَقَامَ.
قَوْلُهُ: (فَقَامَ رَجُلٌ) فِي رِوَايَةِ فُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فَقَامَ رَجُلٌ أَحْسَبُهُ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَفِي رِوَايَةِ زَائِدَةَ عِنْدَهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ يَنْكِحُ هَذِهِ؟ فَقَامَ رَجُلٌ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْكِحْنِيهَا) فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ وَنَحْوُهُ لِيَعْقُوبَ، وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَمَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ وَزَائِدَةَ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ لَا حَاجَةَ لِي لِجَوَازِ أَنْ تَتَجَدَّدَ الرَّغْبَةُ فِيهَا بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ) زَادَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ تُصْدِقُهَا، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَلَكَ مَالٌ.
قَوْلُهُ: (قَالَ لَا) فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ، وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَادَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ: قَالَ: فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ شَيْءٍ، وَفِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: عِنْدَكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا حَاجَةَ لِي: وَلَكِنْ تُمْلِكِينِي أَمْرَكِ، قَالَتْ: نَعَمْ. فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَدَعَا رَجُلًا فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَكِ هَذَا إِنْ رَضِيتِ، قَالَتْ: مَا رَضِيتَ لِي فَقَدْ رَضِيتُ، وَهَذَا إِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ مُتَّحِدَةً يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ نَظَرُهُ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ الرَّجُلُ أَنْ يُزَوِّجَهَا لَهُ فَاسْتَرْضَاهَا أَوَّلًا ثُمَّ تَكَلَّمَ مَعَهُ فِي الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ مُتَعَدِّدَةً فَلَا إِشْكَالَ. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي فَوَائِدِ أَبِي عُمَرَ بْنِ حَيْوَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: إِنَّ هَذِهِ امْرَأَةٌ رَضِيَتْ بِي فَزَوِّجْهَا مِنِّي، قَالَ: فَمَا مَهْرُهَا؟ قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ: قَالَ: امْهُرْهَا مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ. قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَمْلِكُ شَيْئًا، وَهَذِهِ الْأَظْهَرُ فِيهَا التَّعَدُّدُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: اذْهَبْ فَاطْلُبْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ) فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ، وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فائض هَلْ تَجِدُ شَيْئًا. فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. قَالَ: انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: ثُمَّ ذَهَبَ يَطْلُبُ مَرَّتَيْنِ، لَكِنْ بِاخْتِصَارٍ. وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ: فَذَهَبَ فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَرَجَعَ فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَالْتَمِسْ، وَقَالَ فِيهِ: فَقَالَ: وَلَا خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ لَمْ أَجِدْهُ، ثُمَّ جَلَسَ، وَوَقَعَ فِي خَاتَمٍ النَّصْبُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لِالْتَمِسْ، وَالرَّفْعُ عَلَى تَقْدِيرِ مَا حَصَلَ لِي وَلَا خَاتَمٌ، وَلَوْ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ خَاتَمًا تَقْلِيلِيَّةٌ، قَالَ عِيَاضٌ: وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ خِلَافَ ذَلِكَ. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: قُمْ إِلَى النِّسَاءِ، فَقَامَ إِلَيْهِنَّ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، وَالْمُرَادُ بِالنِّسَاءِ أَهْلُ الرَّجُلِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ رِوَايَةُ يَعْقُوبَ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ): كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِاخْتِصَارٍ ذِكْرُ الْإِزَارُ، وَثَبَتَ ذِكْرُهُ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ مَنْ قَدَّمَ ذِكْرَهُ عَلَى الْأَمْرِ بِالْتِمَاسِ الشَّيْءِ أَوِ الْخَاتَمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَّرَهُ، فَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ قَالَ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ؟ قَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي هَذَا. فَقَالَ: إِزَارُكَ إِنْ أَعْطَيْتَهَا جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئًا، وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ: (إِزَارُكَ الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ الْخَبَرُ وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ إِيَّاهُ، وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ، وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِأَعْطَيْتَهَا، وَالْإِزَارُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وَقَدْ جَاءَ هُنَا مُذَكَّرًا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ، وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِك - إِلَى أَنْ قَالَ - وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي قَالَ سَهْلٌ أَيِ ابْنُ سَعْدٍ الرَّاوِي: مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ قَالَ: مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسَتْهُ الْحَدِيثَ.
وَوَقَعَ لِلْقُرْطُبِيِّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَهْمٌ فَإِنَّهُ ظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ: فَلَهَا نِصْفُهُ مِنْ كَلَامِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَشَرَحَهُ بِمَا نَصَّهُ، وَقَوْلُ سَهْلٍ: مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ ظَاهِرُهُ لَوْ كَانَ لَهُ رِدَاءٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute