للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبِي أُمَامَةَ: زَوَّجَ النَّبِيُّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ امْرَأَةً عَلَى سُورَةٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ جَعَلَهَا مَهْرَهَا وَأَدْخَلَهَا عَلَيْهِ وَقَالَ: عَلِّمْهَا، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ: فَعَلِّمْهَا عِشْرِينَ آيَةً وَهِيَ امْرَأَتُكَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أُزَوِّجُهَا مِنْكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَهَا أَرْبَعَ - أَوْ خَمْسَ - سُوَرٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَفِي مُرْسَلِ أَبِي النُّعْمَانِ الْأَزْدِيِّ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ: زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ امْرَأَةً عَلَى سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ: هَلْ تَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ قَالَ: أَصْدِقْهَا إِيَّاهَا، وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ حَفِظَ مَا لَمْ

يَحْفَظْ بَعْضٌ، أَوْ أَنَّ الْقَصَصَ مُتَعَدِّدَةٌ.

قَوْلُهُ: (اذْهَبْ فَقَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ) فِي رِوَايَةِ زَائِدَةَ مِثْلُهُ، لَكِنْ قَالَ فِي آخِرِهِ: فَعَلِّمْهَا مِنَ الْقُرْآنِ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: قَالَ لَهُ: قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عنْد إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ فُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَمُبَشِّرٍ، وَفِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: قَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، وَفِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَفِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ، وَمَعْمَرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: قَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ، وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ: قَدْ أَمْلَكْتُكَهَا وَالْبَاقِي مِثْلُهُ، وَقَالَ فِي أُخْرَى: فَرَأَيْتُهُ يَمْضِي وَهِيَ تَتْبَعُهُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي غَسَّانَ: أَمْكَنَّاكَهَا وَالْبَاقِي مِثْلُهُ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا عَلَى أَنْ تُقْرِئَهَا وَتُعَلِّمَهَا، وَإِذَا رَزَقَكَ اللَّهُ عَوَّضْتَهَا، فَتَزَوَّجَهَا الرَّجُلُ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَشْيَاءُ غَيْرُ مَا تَرْجَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَفَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَعِدَّةِ تَرَاجِمَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ تَوْجِيهَ التَّرْجَمَةِ وَمُطَابَقَتَهَا لِلْحَدِيثِ وَوَجْهُ الِاسْتِنْبَاطِ مِنْهَا. وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ وَالتَّوْحِيدِ كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ.

وَفِيهِ أَيْضًا أَنْ لَا حَدَّ لِأَقَلِّ الْمَهْرِ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَقَلَّ الْمَهْرِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَكَذَا مَنْ قَالَ رُبْعُ دِينَارٍ، قَالَ: لِأَنَّ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ لَا يُسَاوِي ذَلِكَ.

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: تَعَلَّقَ بِهِ مَنْ أَجَازَ النِّكَاحَ بِأَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّعْلِيلِ وَلَكِنْ مَالِكٌ قَاسَهُ عَلَى الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ.

قَالَ عِيَاضٌ: تَفَرَّدَ بِهَذَا مَالِكٌ عَنِ الْحِجَازِيِّينَ، لَكِنْ مُسْتَنَدُهُ الِالْتِفَاتُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ وَبِقَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا﴾ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا لَهُ بَالٌ مِنَ الْمَالِ، وَأَقَلُّهُ مَا اسْتُبِيحَ بِهِ قَطْعُ الْعُضْوِ الْمُحْتَرَمِ، قَالَ: وَأَجَازَهُ الْكَافَّةُ بِمَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الزَّوْجَانِ، أَوْ مِنَ الْعَقْدِ إِلَيْهِ بِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَالسَّوْطِ وَالنَّعْلِ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ، وَبِهِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَرَبِيعَةُ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ غَيْرَ مَالِكٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي أَهْلِ الشَّامِ، وَاللَّيْثُ فِي أَهْلِ مِصْرَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، غَيْرَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَدَاوُدُ، وَفُقَهَاءُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَابْنُ وَهْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَقَلُّهُ عَشَرَةٌ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ أَقَلُّهُ خَمْسَةٌ، وَمَالِكٌ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ أَوْ رُبْعُ دِينَارٍ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي مِقْدَارِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ.

وَقَدْ قَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ، لِمَالِكٍ لَمَّا سَمِعَهُ يَذْكُرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ: تَعَرَّقْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَيْ سَلَكْتَ سَبِيلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي قِيَاسِهِمْ مِقْدَارَ الصَّدَاقِ عَلَى مِقْدَارِ نِصَابِ السَّرِقَةِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: اسْتَدَلَّ مَنْ قَاسَهُ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ بِأَنَّهُ عُضْوٌ آدَمِيٌّ مُحْتَرَمٌ فَلَا يُسْتَبَاحُ بِأَقَلَّ مِنْ كَذَا قِيَاسًا عَلَى يَدِ السَّارِقِ، وَتَعَقَّبَهُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابِلِ النَّصِّ فَلَا يَصِحُّ، وَبِأَنَّ الْيَدَ تُقْطَعُ وَتَبِينُ وَلَا كَذَلِكَ الْفَرْجُ، وَبِأَنَّ الْقَدْرَ الْمَسْرُوقَ يَجِبُ عَلَى السَّارِقِ رَدُّهُ مَعَ الْقَطْعِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّدَاقُ.

وَقَدْ ضَعَّفَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا هَذَا