أَيْضًا فِي الْعُشَرِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ، وَفِي الثُّمَامِ وَالسِّلْمِ وَالطَّلْحِ.
وَاخْتُلِفَ فِي مِيمِ مُغْفُورٍ فَقِيلَ زَائِدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ، وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا مِنْ أَصْلِ الْكَلِمَةِ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مِغْفَارٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَمُغْفَرٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَبِفَتْحِهِ وَبِكَسْرِهِ عَنِ الْكِسَائِيِّ وَالْفَاءُ مَفْتُوحَةٌ فِي الْجَمِيعِ، وَقَالَ عِيَاضٌ: زَعَمَ الْمُهَلَّبُ أَنَّ رَائِحَةَ الْمَغَافِيرِ وَالْعُرْفُطِ حَسَنَةٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ وَخِلَافُ مَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ اهـ، وَلَعَلَّ الْمُهَلَّبَ قَالَ خَبِيثَةٌ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ فَتَصَحَّفَتْ أَوِ اسْتَنَدَ إِلَى مَا نُقِلَ عَنِ الْخَلِيلِ، وَقَدْ نَسَبَهُ ابْنُ بَطَّالٍ إِلَى الْعَيْنِ أَنَّ الْعُرْفُطَ شَجَرُ الْعِضَاهِ، وَالْعِضَاهُ كُلُّ شَجَرٍ لَهُ شَوْكٌ وَإِذَا اسْتَيْكَ بِهِ كَانَتْ لَهُ رَائِحَةٌ حَسَنَةٌ تُشْبِهُ رَائِحَةَ طَيِّبِ النَّبِيذِ اهـ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ رِيحُ عِيدَانِ الْعُرْفُطِ طَيِّبًا وَرِيحُ الصَّمْغِ الَّذِي يَسِيلُ مِنْهُ غَيْرَ طَيِّبَةٍ وَلَا مُنَافَاةَ فِي ذَلِكَ وَلَا تَصْحِيفَ، وَقَدْ حَكَى الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ أَنَّ رَائِحَةَ وَرَقِ الْعُرْفُطِ طَيِّبَةٌ فَإِذَا رَعَتْهُ الْإِبِلُ خَبُثَتْ رَائِحَتُهُ، وَهَذَا طَرِيقٌ آخَرُ فِي الْجَمْعِ حَسَنٌ جِدًّا.
قَوْلُهُ (فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهَا، وَأَظُنُّهَا حَفْصَةَ.
قَوْلُهُ (فَقَالَ لَا بَأْسَ شَرِبْتُ عَسَلًا) كَذَا وَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ شُيُوخِهِ، وَوَقَعَ لِلْبَاقِينَ لَا بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا وَكَذَا وَقَعَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ لِلْجَمِيعِ حَيْثُ سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إِسْنَادًا وَمَتْنًا، وكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ حَجَّاجٍ، وَمُسْلِمٍ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ وَالْمُسْتَخْرَجَاتِ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجٍ، فَظَهَرَ أَنَّ لَفْظَةَ بَأْسَ هُنَا مُغَيَّرَةٌ مِنْ لَفْظِهِ بَلْ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ.
قَوْلُهُ (وَلَنْ أَعُودَ لَهُ) زَادَ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ وَقَدْ حَلَفْتُ لَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَنَزَلَتْ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ قَالَ عِيَاضٌ: حُذِفَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَصَارَ النَّظْمُ مُشْكِلًا، فَزَالَ الْإِشْكَالُ بِرِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ.
وَاسْتَدَلَّ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ بِقَوْلِهِ حَلَفْتُ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ الَّتِي أُشِيرُ إِلَيْهَا فِي قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ هِيَ عَنِ الْيَمِينِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ حَلَفْتُ فَتَكُونُ الْكَفَّارَةُ لِأَجْلِ الْيَمِينِ لَا لِمُجَرَّدِ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ قَوِيٌّ لِمَنْ يَقُولُ إِنَّ التَّحْرِيمَ لَغْوٌ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ بِمُجَرَّدِهِ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ حَلَفْتُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ﴾ أَيْ تَلَا مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ لِعَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ أَيِ الْخِطَابُ لَهُمَا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ فَنَزَلَتْ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ﴾ وَهَذَا أَوْضَحُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ.
قَوْلُهُ ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾ لِقَوْلِهِ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا) هَذَا الْقَدْرُ بَقِيَّةُ الْحَدِيثِ، وكُنْتُ أَظُنُّهُ مِنْ تَرْجَمَةِ الْبُخَارِيِّ عَلَى ظَاهِرِ مَا سَأَذْكُرُهُ عَنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ حَتَّى وَجَدْتُهُ مَذْكُورًا فِي آخِرِ الْحَدِيثِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَكَأَنَّ الْمَعْنَى: وَأَمَّا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾ فَهُوَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا، وَالنُّكْتَةُ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَاخِلَةٌ فِي الْآيَاتِ الْمَاضِيَةِ لِأَنَّهَا قَبْلَ قَوْلِهِ ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ﴾ وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَنِ الْبُخَارِيِّ عَلَى هَذَا إِلَّا النَّسَفِيَّ فَوَقَعَ عِنْدَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ مَا صُورَتُهُ: قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ﴾ لِعَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾ لِقَوْلِهِ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا فَجَعَلَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ تَرْجَمَةً لِلْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ، وَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ لِمُوَافَقَةِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَيْرٍ.
قَوْلُهُ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ الْعَسَلَ وَالْحَلْوَى) قَدْ أَفْرَدَ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ وَفِي الْأَشْرِبَةِ وَفِي غَيْرِهِمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَهُوَ عِنْدَهُ بِتَقْدِيمِ الْحَلْوَى عَلَى الْعَسَلِ، وَلِتَقْدِيمِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ جِهَةٌ مِنْ جِهَاتِ التَّقْدِيمِ، فَتَقْدِيمُ الْعَسَلِ لِشَرَفِهِ