للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ أَيْ عَلَى أَهْلِ بَيْتكَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ قَدْ عُرِفَتْ مَعَ السَّلَامِ مِنَ الْآيَةِ، قَالَ: فَكَانَ السُّؤَالُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ تَشْرِيفًا لَهُمْ، وَقَدْ ذُكِرَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَوَابِ لِقولِهِ - تَعَالَى - ﴿لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ وَفَائِدَتُهُ الدَّلَالَةُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، قَالَ: وَإِنَّمَا تَرَكَ ذِكْرَ إِبْرَاهِيمَ؛ لِيُنَبِّهَ عَلَى هَذِهِ النُّكْتَةِ، وَلَوْ ذُكِرَ لَمْ يُفْهَمْ أَنَّ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ عَلَى سَبِيلِ التَّمْهِيدِ، انْتَهَى.

وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ مَا قَالَ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ: عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الْبَابِ: عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ يَذْكُرْ آلَ مُحَمَّدٍ وَلَا آلَ إِبْرَاهِيمَ، وَهَذَا إِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى مَا قُلْتُهُ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظِ الْآخَرُ، وَالْأَظْهَرُ فَسَادُ مَا بَحَثَهُ الطِّيبِيُّ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي الْبَابِ بَعْدَهُ: عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْآلَ فِي الصَّحِيحِ، وَوَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ، وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذُرِّيَّتِهِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلَكِنْ وَقَعَ فِي السَّنَدِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ شَيْخِ أَبِي دَاوُدَ فِيهِ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ شَيْخِ شَيْخِ النَّسَائِيِّ فِيهِ، فَرَوَيَاهُ مَعًا عَنْ حِبَّانَ بْنِ يَسَارٍ - وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ، وَأَبُوهُ بِمُثَنَّاةٍ وَمُهْمَلَةٍ خَفِيفَةٍ - فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى عَنْهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَرِوَايَةُ مُوسَى أَرْجَحُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِحِبَّانَ فِيهِ سَنَدَانِ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ وَحْدَهُ فِي آخِرِهِ: فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ السَّرَّاجِ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يَنْبَغِي أَنْ يَجْمَعَ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ مِثْلَهُ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: فِي الْعَالَمِينَ وَقَالَ فِي الْأَذْكَارِ مِثْلَهُ، وَزَادَ: عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ

بَعْدَ قَوْلِهِ: مُحَمَّدٍ فِي مَحَلٍّ وَلَمْ يَزِدْهَا فِي بَارِكْ، وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَالْفَتَاوَى مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ فِي وَبَارِكْ، وَفَاتَهُ أَشْيَاءُ لَعَلَّهَا تُوَازِي قَدْرَ مَا زَادَهُ أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهِ؛ مِنْهَا قَوْلُهُ: أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ قَوْلِهِ: أَزْوَاجِهِ، وَمِنْهَا: وَأَهْلِ بَيْتِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَذُرِّيَّتِهِ، وَقَدْ وَرَدَتْ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَمِنْهَا: وَرَسُولِكَ فِي: وَبَارِكْ وَمِنْهَا: فِي الْعَالَمِينَ فِي الْأَوَّلِ، وَمِنْهَا: إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ قَبْلَ: وَبَارِكْ وَمِنْهَا: اللَّهُمَّ قَبْلَ: وَبَارِكْ فَإِنَّهُمَا ثَبَتَا مَعًا فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ، وَمِنْهَا: وَتَرَحَّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ، إِلَخْ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهَا بَعْدُ، وَمِنْهَا فِي آخِرِ التَّشَهُّدِ: وَعَلَيْنَا مَعَهُمْ، وَهِيَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ نَحْوُ حَدِيثِ الْبَابِ، قَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَنَحْنُ نَقُولُ: وَعَلَيْنَا مَعَهُمْ، وَكَذَا أَخْرَجَهَا السَّرَّاجُ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ، وَتَعَقَّبَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ قَالَ: هَذَا شَيْءٌ انْفَرَدَ بِهِ زَائِدَةُ، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْآلِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَمِنْ جُمْلَتِهِ أَنَّهُمْ أُمَّتُهُ، فَلَا يَبْقَى لِلتَّكْرَارِ فَائِدَةٌ، وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ، فَلَا نَرَى أَنْ نُشْرِكَ فِي هَذِهِ الْخُصُوصِيَّةِ مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَحَدًا، وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بِأَنَّ زَائِدَةَ مِنَ الْأَثْبَاتِ فَانْفِرَادُهُ لَوِ انْفَرَدَ لَا يَضُرُّ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَنْفَرِدْ، فَقَدْ أَخْرَجَهَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ فَضْلِ الصَّلَاةِ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ

يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَيَزِيدُ اسْتَشْهَدَ بِهِ مُسْلِمٌ، وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ نَحْوُ حَدِيثِ الْبَابِ، وَفِي آخِرِهِ: وَعَلَيْنَا مَعَهُمْ، وَأَمَّا الْإِيرَادُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِمَنْ يَرَى أَنَّ مَعْنَى الْآلِ كُلُّ الْأُمَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَمْتَنِعُ