للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْقِيَامَةِ) فِي رِوَايَةِ أَبِي شِهَابٍ فِي الِاسْتِقْرَاضِ، وَرِوَايَةِ حَفْصٍ فِي الِاسْتِئْذَانِ هُمُ الْأَقَلُّونَ بِالْهَمْزِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ الْمَاضِيَةِ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ: إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ بِالْمِيمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَلِأَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ النُّعْمَانِ الْغِفَارِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ: إِنَّ الْمُكْثِرِينَ الْأَقَلُّونَ، وَالْمُرَادُ الْإِكْثَارُ مِنَ الْمَالِ وَالْإِقْلَالُ مِنْ ثَوَابِ الْآخِرَةِ، وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ كَانَ مُكْثِرًا وَلَمْ يَتَّصِفْ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَهُ مِنَ الْإِنْفَاقِ.

قَوْلُهُ: (إِلَّا مَنْ قَالَ: هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ)، فِي رِوَايَةِ أَبِي شِهَابٍ: إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا، وَأَشَارَ أَبُو شِهَابٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ أَحْمَدَ: إِلَّا مَنْ قَالَ: هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، فَحَثَا عَنْ يَمِينِهِ وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. فَاشْتَمَلَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ عَلَى الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا اقْتَصَرَ عَلَى ثَلَاثٍ، وَقَدْ جَمَعَهَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ فِي رِوَايَتِهِ وَلَفْظُهُ: إِلَّا مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا - أَيْ مَالًا - فَنَفَحَ بِنُونٍ وَفَاءٍ وَمُهْمَلَةٍ؛ أَيْ أَعْطَى كَثِيرًا بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ يَمِينًا وَشِمَالًا وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَبَقِيَ مِنَ الْجِهَاتِ فَوْقُ وَأَسْفَلُ، وَالْإِعْطَاءُ مِنْ قِبَلِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُمْكِنٌ، لَكِنْ حُذِفَ لِنُدُورِهِ، وَقَدْ فَسَّرَ بَعْضُهُمُ الْإِنْفَاقَ مِنْ وَرَاءُ بِالْوَصِيَّةِ، وَلَيْسَ قَيْدًا فِيهِ؛ بَلْ قَدْ يُقْصَدُ الصَّحِيحُ الْإِخْفَاءُ فَيَدْفَعُ لِمَنْ وَرَاءَهُ مَالًا يُعْطِي بِهِ مَنْ هُوَ أَمَامَهُ، وَقَوْلُهُ هَكَذَا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ أَشَارَ إِشَارَةً مِثْلَ هَذِهِ الْإِشَارَةِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ خَلْفِهِ بَيَانٌ لِلْإِشَارَةِ، وَخَصَّ عَنِ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْإِعْطَاءِ صُدُورُهُ بِالْيَدَيْنِ، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ: وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا؛ أَيْ حَسَنَةً، وَفِي سِيَاقِهِ جِنَاسٌ تَامٌّ فِي قَوْلِهِ: أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، وَفِي قَوْلِهِ: وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا فَمَعْنَى الْخَيْرِ الْأَوَّلِ الْمَالُ، وَالثَّانِي الْحَسَنَةُ.

قَوْلُهُ: (وَقَلِيلٌ مَا هُمْ) مَا زَائِدَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِلْقِلَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُوفَةً، وَلَفْظُ قَلِيلٍ هُوَ الْخَبَرُ وَهُمْ هُوَ الْمُبْتَدَأُ، وَالتَّقْدِيرُ وَهُمْ قَلِيلٌ، وَقَدَّمَ الْخَبَرَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الِاخْتِصَاصِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ لِي: مَكَانَكَ) بِالنَّصْبِ أَيِ الْزَمْ مَكَانَكَ، وَقَوْلُهُ: لَا تَبْرَحْ تَأْكِيدٌ لِذَلِكَ، وَرُفِعَ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الْأَمْرَ بِلُزُومِ الْمَكَانِ لَيْسَ عَامًّا فِي الْأَزْمِنَةِ، وَقَوْلُهُ: حَتَّى آتِيَكَ غَايَةٌ لِلُزُومِ الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ، وَفِي رِوَايَةِ حَفْصٍ: لَا تَبْرَحْ يَا أَبَا ذَرٍّ حَتَّى أَرْجِعَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَالَ لِي: اجْلِسْ ههُنَا، فَأَجْلَسَنِي فِي قَاعٍ؛ أَيْ أَرْضٍ سَهْلَةٍ مُطَمْئِنَةٍ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ انْطَلَقَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ) فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْقَمَرَ كَانَ قَدْ غَابَ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى تَوَارَى)؛ أَيْ غَابَ شَخْصُهُ، زَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنِّي، وَفِي رِوَايَةِ حَفْصٍ: حَتَّى غَابَ عَنِّي، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَانطلَقَ فِي الْحَرَّةِ - أَيْ دَخَلَ فِيهَا - حَتَّى لَا أَرَاهُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي شِهَابٍ: فَتَقَدَّمَ غَيْرَ بَعِيدٍ، زَادَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَطَالَ اللُّبْثَ.

قَوْلُهُ: (فَسَمِعْتُ صَوْتًا قَدِ ارْتَفَعَ) فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ: فَسَمِعْتُ لَغَطًا وَصَوْتًا.

قَوْلُهُ: (فَتَخَوَّفْتُ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ عَرَضَ لِلنَّبِيِّ )؛ أَيْ تَعَرَّضَ لَهُ بِسُوءٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَتَخَوَّفْتُ أَنْ يَكُونَ عُرِضَ لِرَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِ عُرِضَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ.

قَوْلُهُ: (فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ)؛ أَيْ أَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْهَبَ؛ أَيْ إِلَيْهِ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى حَالِ سَبِيلِهِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ فِي الْبَابِ.

قَوْلُهُ: (فَذَكَرْتُ قَوْلَهُ: لَا تَبْرَحْ، فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى أَتَانِي) فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ: فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى جَاءَ.

قَوْلُهُ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتًا تَخَوَّفْتُ فَذَكَرْتُ لَهُ) فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ: فَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي سَمِعْتُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي شِهَابٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِي سَمِعْتُ أَوْ قَالَ الصَّوْتُ الَّذِي سَمِعْتُ، كَذَا فِيهِ بِالشَّكِّ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: ثُمَّ إِنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ تَكَلَّمَ فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يُرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: وَهَلْ سَمِعْتَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ذَلِكَ