جِبْرِيلُ)؛ أَيِ الَّذِي كُنْتُ أُخَاطِبُهُ أَوْ ذَلِكَ صَوْتُ جِبْرِيلَ.
قَوْلُهُ: (أَتَانِي) زَادَ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ: فَأَخْبَرَنِي. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: عَرَضَ لِي - أَيْ ظَهَرَ - فَقَالَ بَشِّرْ أُمَّتَكَ، وَلَمْ أَرَ لَفْظَ التَّبْشِيرِ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ.
قَوْلُهُ: (مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا) زَادَ الْأَعْمَشُ مِنْ أُمَّتِكَ.
قَوْلُهُ: (دَخَلَ الْجَنَّةَ) هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ، رَتَّبَ دُخُولَ الْجَنَّةِ عَلَى الْمَوْتِ بِغَيْرِ إِشْرَاكِ بِاللَّهِ، وَقَدْ ثَبَتَ الْوَعِيدُ بِدُخُولِ النَّارِ لِمَنْ عَمِلَ بَعْضَ الْكَبَائِرِ، وَبِعَدَمِ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِمَنْ عَمِلَهَا فَلِذَلِكَ وَقَعَ الِاسْتِفْهَامُ.
قَوْلُهُ: (قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ) قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: حَرْفُ الِاسْتِفْهَامِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكَلَامِ مُقَدَّرٌ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: التَّقْدِيرُ أَوَ إِنْ زَنَى أَوَ إِنْ سَرَقَ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، وَالشَّرْطُ حَالٌ، وَلَا يَذْكُرُ الْجَوَابَ مُبَالَغَةً، وَتَتْمِيمًا لِمَعْنَى الْإِنْكَارِ قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ: قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى؟ قَالَ: نَعَمْ. وَكَرَّرَهَا مَرَّتَيْنِ لِلْأَكْثَرِ وَثَلَاثًا لِلْمُسْتَمْلِي، وَزَادَ فِي آخِرِ الثَّالِثَةِ وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ، وَكَذَا وَقَعَ التَّكْرَارُ ثَلَاثًا فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ فِي اللِّبَاسِ، لَكِنْ بِتَقْدِيمِ الزِّنَا عَلَى السَّرِقَةِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ، وَلَمْ يَقُلْ: وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ، وَلَا وَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ، وَزَادَ أَبُو الْأَسْوَدِ: عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُ: وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ، وَزَادَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ: قَالَ الْأَعْمَشُ: قُلْتُ لِزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ قَالَ: أَشْهَدُ لَحَدَّثَنِيهِ أَبُو ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ.
قَالَ الْأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِلَفْظِ: إِنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ نَحْوَهُ، وَفِيهِ: وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَقِبَ رِوَايَةِ حَفْصٍ: حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ مُرْسَلٌ لَا يَصِحُّ، إِنَّمَا أَرَدْنَا لِلْمَعْرِفَةِ؛ أَيْ إِنَّمَا أَرَدْنَا أَنْ نَذْكُرَهُ لِلْمَعْرِفَةِ بِحَالِهِ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ قِيلَ لَهُ: فَحَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ؟ فَقَالَ: مُرْسَلٌ أَيْضًا لَا يَصِحُّ، ثُمَّ قَالَ: اضْرِبُوا عَلَى حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
قُلْتُ: فَلِهَذَا هُوَ سَاقِطٌ مِنْ مُعْظَمِ النُّسَخِ، وَثَبَتَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ، وَأَوَّلَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: حَدِيثُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مُرْسَلٌ، فَسَاقَهُ إِلَخْ.
وَرِوَايَةُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ هُوَ يَقُصُّ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ فَقُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، فَأَعَدْتُ فَأَعَادَ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ لَهُ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ فِي التَّفْسِيرِ، وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْمُعْجَمِ، وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ، هَذَا غَيْرُ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ مَعْنَاهُ.
قُلْتُ: وَهُمَا قِصَّتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ، وَإِنِ اشْتَرَكَتَا فِي الْمَعْنَى الْأَخِيرِ وَهُوَ سُؤَالُ الصَّحَابِيِّ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، وَاشْتَرَكَا أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ رَغِمَ، وَمِنَ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُمَا أَيْضًا وُقُوعُ الْمُرَاجَعَةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ وَجِبْرِيلَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ دُونَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلَهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ طُرُقٌ أُخْرَى، مِنْهَا لِلنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ نَحْوُ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ.
وَمِنْهَا لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ بِلَفْظِ: مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ كَعْبِ بْنِ ذُهْلٍ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ، أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي،