زَلِقٌ تَزْلَقُ فِيهِ الْأَقْدَامُ، وَيَأْتِي ضَبْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ، وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: بَلَغَنِي أَنَّ الصِّرَاطَ أَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ، وَأَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْدَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ: بَلَغَنِي، وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: مَجْزُومًا بِهِ، وَفِي سَنَدِهِ لِينٌ، وَلِابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مُرْسَلِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: إِنَّ الصِّرَاطَ مِثْلُ السَّيْفِ وَبِجَنْبَتَيْهِ كَلَالِيبُ، إِنَّهُ لَيُؤْخَذُ بِالْكَلُّوبِ الْوَاحِدِ أَكْثَرَ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَفِيهِ: وَالْمَلَائِكَةُ عَلَى جَنْبَتَيْهِ يَقُولُونَ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَجَاءَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ الصِّرَاطَ مَسِيرَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ، خَمْسةُ آلَافٍ صُعُودٌ وَخَمْسَةُ آلَافٍ هُبُوطٌ وَخَمْسَةُ آلَافٍ مُسْتَوَى، أَدَقُّ مِنَ
الشَّعْرَةِ وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ، لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ إِلَّا ضَامِرٌ مَهْزُولٌ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَتِهِ، وَهَذَا مُعْضَلٌ لَا يَثْبُتُ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ الصِّرَاطَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ، عَلَى بَعْضِ النَّاسِ، وَلِبَعْضِ النَّاسِ مِثْلُ الْوَادِي الْوَاسِعِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَهُوَ مُرْسَلٌ أَوْ مُعْضَلٌ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ أَحَدِ التَّابِعِينَ قَالَ: تُمَثَّلُ النَّارُ لِلنَّاسِ ثُمَّ يُنَادِيهَا مُنَادٍ: أَمْسِكِي أَصْحَابَكِ وَدَعِي أَصْحَابِي، فَتَخْسِفُ بِكُلِّ وَلِيٍّ لَهَا، فَهِيَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنَ الرَّجُلِ بِوَلَدِهِ، وَيَخْرُجُ الْمُؤْمِنُونَ نَدِيَّةً ثِيَابُهُمْ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ مَعَ كَوْنِهِ مَقْطُوعًا.
قَوْلُهُ: مِنْهُمُ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ، فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: مَنْ يُوبَقُ، وَهُمَا بِالْمُوَحَّدَةِ بِمَعْنَى الْهَلَاكِ، وَلِبَعْضِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ: الْمُوثَقُ، بِالْمُثَلَّثَةِ مِنَ: الْوَثَائِقِ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ رِوَايَةَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الْآتِيَةَ فِي التَّوْحِيدِ بِالشَّكِّ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ: وَمِنْهُمُ الْمُؤْمِنُ - بِكَسْرِ الْمِيمِ بَعْدَهَا نُونٌ - بَقِيَ بِعَمَلِهِ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَكَسْرِ الْقَافِ، مِنَ الْوِقَايَةِ أَيْ يَسْتُرُهُ عَمَلُهُ، وَفِي لَفْظِ بَعْضِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ: يَعْنِي بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ، ثُمَّ نُونٍ مَكْسُورَةٍ، بَدَلُ بَقِيَ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
قَوْلُهُ: وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ هُنَا بِالْجِيمِ، وَكَذَا لِأَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ، وَوَهَّاهُ عِيَاضٌ، وَالدَّالُ مُهْمَلَةٌ لِلْجَمِيعِ، وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ فِيهِ إِعْجَامَ الذَّالِ، وَرَجَّحَ ابْنُ قُرْقُولٍ الْخَاءَ الْمُعْجَمَةَ، وَالدَّالَ الْمُهْمَلَةَ، وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: الْمَعْنَى أَنَّ كَلَالِيبَ النَّارِ تَقْطَعُهُ فَيَهْوِي فِي النَّارِ، قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي بَانَتْ سُعَادُ قَصِيدَتِهِ الْمَشْهُورَةِ:
يَغْدُو فَيُلْحِمُ ضِرْغَامَيْنِ عَيْشُهُمَا … لَحْمٌ مِنَ الْقَوْمِ مَعْفُورٌ خَرَادِيلُ
فَقَوْلُهُ: مَعْفُورٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ أَيْ وَاقِعٌ فِي التُّرَابِ، وَخَرَادِيلُ أَيْ هُوَ قِطَعٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْخَرْدَلِ، أَيْ: جُعِلَتْ أَعْضَاؤُهُ كَالْخَرْدَلِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَقْطَعُهُمْ عَنْ لُحُوقِهِمْ بِمَنْ نَجَا، وَقِيلَ: الْمُخَرْدَلُ الْمَصْرُوعُ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ التِّينِ فَقَالَ: هُوَ أَنْسَبُ لِسِيَاقِ الْخَبَرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ: فَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ أَوِ الْمُجَازَى أَوْ نَحْوُهُ، وَلِمُسْلِمٍ عَنْهُ: الْمُجَازَى، بِغَيْرِ شَكٍّ، وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ مِنَ الْجَزَاءِ.
قَوْلُهُ: ثُمَّ يَنْجُو) فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ: ثُمَّ يَنْجَلِي، بِالْجِيمِ، أَيْ: يَتَبَيَّنُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: يُخَلَّى عَنْهُ فَيَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى يَنْجُو، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَمَخْدُوشٌ وَمَكْدُوسٌ فِي جَهَنَّمَ حَتَّى يَمُرَّ أَحَدُهُمْ فَيُسْحَبُ سَحْبًا، قَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَارِّينَ عَلَى الصِّرَاطِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: نَاجٍ بِلَا خُدُوشٍ، وَهَالِكٌ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، وَمُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُمَا يُصَابُ، ثُمَّ يَنْجُو، وَكُلُّ قِسْمٍ مِنْهَا يَنْقَسِمُ أَقْسَامًا تُعْرَفُ بِقَوْلِهِ: بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، وَاخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ مَكْدُوسٍ؛ فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِالْمُهْمَلَةِ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُعْجَمَةِ، وَمَعْنَاهُ: السُّوقُ الشَّدِيدُ، وَمَعْنَى الَّذِي بِالْمُهْمَلَةِ الرَّاكِبُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَقِيلَ: مُكَرْدَسٌ، وَالْمُكَرْدَسُ فَقَارُ الظَّهْرِ وَكَرْدَسَ الرَّجُلُ خَيْلَهُ: جَعَلَهَا كَرَادِيسَ، أَيْ فَرَّقَهَا، وَالْمُرَادُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute