جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَفِي رِوَايَةِ بَيَانٍ فِي الْبَابِ عَنْ قَيْسٍ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ.
قَوْلُهُ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ ق: كُنَّا جُلُوسًا لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
قَوْلُهُ: (لَيْلَةَ الْبَدْرِ) فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَيَانٍ الْمَذْكُورَةِ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَوْلَ لَهُمْ صَدَرَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ جَلَسُوا عِنْدَهُ.
قَوْلُهُ (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَأَبِي أُسَامَةَ، وَوَكِيعٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: إِنَّكُمْ سَتُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّكُمْ فَتَرَوْنَهُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي شِهَابٍ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا، هَكَذَا اقْتَصَرَ أَبُو شِهَابٍ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْحَدِيثِ لِلْأَكْثَرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي فِي أَوَّلِهِ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ خَلَفِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ كَالْأَكْثَرِ، وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَلَدِيِّ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ مُطَوَّلًا، وَاسْمُ أَبِي شِهَابٍ هَذَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ الْحَنَّاطُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ، وَاسْمُ الرَّاوِي عَنْهُ عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ كَانَ خَيَّاطًا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: تَفَرَّدَ أَبُو شِهَابٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ بِقَوْلِهِ: عِيَانًا، وَهُوَ حَافِظٌ مُتْقِنٌ مِنْ ثِقَاتِ الْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْهَرَوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْفَارُوقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَسَاقَهُ مِنْ رِوَايَةِ: أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ نَفْسًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ كَالْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: (لَا تُضَامُونَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ لِلْأَكْثَرِ، وَفِيهِ رِوَايَاتٌ أُخْرَى تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي بَابِ الصِّرَاطِ جِسْرُ جَهَنَّمَ مِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ الْإِمَامَ أَبَا الطَّيِّبِ سَهْلَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصُّعْلُوكِيَّ يَقُولُ فِي إِمْلَائِهِ فِي قَوْلِهِ: لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ، مَعْنَاهُ: لَا تَجْتَمِعُونَ لِرُؤْيَتِهِ فِي جِهَةٍ، وَلَا يُضَمُّ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَمَعْنَاهُ بِفَتْحِ التَّاءِ كَذَلِكَ وَالْأَصْلُ لَا تَتَضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ بِاجْتِمَاعٍ فِي جِهَةٍ وَبِالتَّخْفِيفِ مِنَ الضَّيْمِ، وَمَعْنَاهُ: لَا تُظْلَمُونَ فِيهِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِكُمْ دُونَ بَعْضٍ، فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ فِي جِهَاتِكُمْ كُلِّهَا وَهُوَ مُتَعَالي عَنِ الْجِهَةِ وَالتَّشْبِيهِ بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ لِلرُّؤْيَةِ دُونَ تَشْبِيهِ الْمَرْئِيِّ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ. الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ، وَوَقَعَ هُنَا فِي قَوْلِهِ: فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فَإِذَا جَاءَنَا، وَيَحْتَاجُ إِلَى تَأَمُّلٍ، وَفِي قَوْلِهِ: أَوَّلُ مَنْ يُجِيزُ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي: يَجِيءُ مِنَ الْمَجِيءِ، وَفِي قَوْلِهِ: وَيُعْطِي رَبَّهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: وَيُعْطِي اللَّهَ. وَفِي قَوْلِهِ: أَيْ رَبِّ لَا أَكُونُ. فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي: لَا أَكُونَنَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ وَغَيْرِهِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِطُولِهِ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ أَيْضًا هُنَاكَ، وَقَوْلُهُ فِي سَنَدِهِ عَنْ زَيْدٍ هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ، وَعَطَاءٌ هُوَ ابْنُ يَسَارٍ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: وَأَصْحَابُ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ. فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: إِلَهِهِمْ بِالْإِفْرَادِ، وَقَوْلُهُ: مَا يُجْلِسُكُمْ بِالْجِيمِ وَاللَّامِ مِنَ الْجُلُوسِ، أَيْ: يُقْعِدُكُمْ عَنِ الذَّهَابِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: مَا يَحْبِسُكُمْ بِالْحَاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ مِنَ الْحَبْسِ، أَيْ: يَمْنَعُكُمْ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَةٍ، اسْتَدَلَّ ابْنُ قُتَيْبَةَ بِذِكْرِ الصُّورَةِ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ صُورَةً لَا كَالصُّوَرِ كَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ شَيْءٌ لَا كَالْأَشْيَاءِ وَتَعَقَّبُوهُ، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: تَمَسَّكَ بِهِ الْمُجَسِّمَةُ فَأَثْبَتُوا لِلَّهِ صُورَةً، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعَلَامَةِ وَضَعَهَا اللَّهُ لَهُمْ دَلِيلًا عَلَى مَعْرِفَتِهِ كَمَا يُسَمَّى الدَّلِيلُ وَالْعَلَامَةُ صُورَةً، وَكَمَا تَقُولُ: صُورَةُ حَدِيثِكَ كَذَا وَصُورَةُ الْأَمْرِ كَذَا، وَالْحَدِيثُ وَالْأَمْرُ لَا صُورَةَ لَهُمَا حَقِيقَةً، وَأَجَازَ غَيْرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصُّورَةِ الصِّفَةُ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْبَيْهَقِيِّ، وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ أَنَّ مَعْنَاهُ صُورَةُ الِاعْتِقَادِ، وَأَجَازَ الْخَطَّابِيُّ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ خَرَجَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاكَلَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute