إذا ما جئته تلقاه بحراً … جواهره تفوق الحاصرينا
وفيه من العوالم فاتحات … على طلابه نوراً مبيناً
فكم فرض علمت به ونفل … وكم حكم أعز الحاكمينا
وذروة فقهه يرقون فيها … على حسب الأدلة ينظرونا
مصابيح الهدى انبثت عليه … فأصبح وهو كهف المهتدينا
فحصل ما قدرت عليه منه … يكون ذخيرة دنيا ودينا
وكيف لا وخادمه إمام … شهاب الدين قاضي المسلمينا
بفتح الباري اتضحت وبانت … مناهل علمه للواردينا
صحيح سد باب الطعن فيه … وفتح من مسائله العيونا
جلا صور المسائل فاستبانت … بألفاظ عرائس يمهرونا
فكم قول يقول به فلان … تراه عنده للقائلينا
وفيه الواضحات وغامضات … فلا يبعد به متفقهونا
وأحكام بسعدك قد أضاءت … شوارعها طريق السالكينا
سعدت بما ظفرت الدهر منه … فإن به كنوز الطالبينا
معانيه يحررها احترازاً … بميزان البيان لتستبينا
فأصبح روضة تسبيك علماً … وآثار رياض الصالحينا
وتصبح إن عرفت السر منه … كما قد قيل تاج العارفينا
وحسبك عالماً قطب الأماني … وحسبك قدوة للمقتدينا
تسائله الصحيح وعنه ينبي … فتلقى عنده الخبر اليقينا
فكم داع أتى وله سؤال … أجاب سؤاله في السائلينا
وعند لقيه تلقى مليئاً … مفيد المبتدئ والمنتهينا
يفهمك الذي قد تهت فيه … ببرهان الذين يرجعونا
وكم قطر بعيد منه جاؤا … إلى أسماعه متوجهينا
وكم شيء يكون عليك صعباً … فيجعله عليك أشد لينا
إذا السند اكتسى ثوب اضطراب … أتوا عن حاله يتنسمونا
وكم من سنة أنباك عنها … بإسناد علا في المسندينا
ومن أرمازوحي حيث يرمي … بها أحلامهم يتنبهونا
ومن يدري الحديث ومسنديه … ويمليه الكرام الكاتبينا
سما بسماعه سطح الثريا … إليه بوصله يتوصلونا
وكم صاد الشريد من المعاني … وذلله على من يألفونا
وكم مجد علا فيه مناراً … وله بالفاضلات يؤذنونا