للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَمَّا بَعْدُ اللَّهُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ أَمَّا بَعْدُ زَيْدٌ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ) يُشْعِرُ بِمُهْلَةٍ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالدُّعَاءِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَفِي رِوَايَةِ الْأَجْلَحِ عِنْدَ الْبَزَّارِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ كَمَا كَانَ يَرْفَعُهُ عِنْدَ تَمَامِ سُجُودِهِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: اللَّهُمَّ، وَلِمُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ نَحْوُهُ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ الدُّعَاءَ الْمَذْكُورَ وَقَعَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، لَكِنْ وَقَعَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْكَعْبَةَ كَمَا ثَبَتَ مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ.

قَوْلُهُ: (عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ) أَيْ بِإِهْلَاكِ قُرَيْشٍ، وَالْمُرَادُ الْكُفَّارُ مِنْهُمْ أَوْ مَنْ سَمَّى مِنْهُمْ، فَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ.

قَوْلُهُ: (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) كَرَّرَهُ إِسْرَائِيلُ فِي رِوَايَتِهِ لَفْظًا لَا عَدَدًا، وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا.

قَوْلُهُ: (فَشَقَّ عَلَيْهِمْ) وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمْ الضَّحِكُ وَخَافُوا دَعْوَتَهُ.

قَوْلُهُ: (وَكَانُوا يَرَوْنَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ فِي رِوَايَتِنَا مِنَ الرَّأْيِ أَيْ يَعْتَقِدُونَ، وَفِي غَيْرِهَا بِالضَّمِّ أَيْ يَظُنُّونَ، وَالْمُرَادُ بِالْبَلَدِ مَكَّةُ، وَوَقَعَ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي الثَّالِثَةِ بَدَلَ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَيُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا بَقِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ شَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ .

قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَمَّى) أَيْ فَصَّلَ مَنْ أَجْمَلَ.

قَوْلُهُ: (بِأَبِي جَهْلٍ) فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ، بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ وَهُوَ اسْمُ أَبِي جَهْلٍ، فَلَعَلَّهُ سَمَّاهُ وَكَنَّاهُ مَعًا.

قَوْلُهُ: (وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ) هُوَ وَلَدُ الْمَذْكُورِ بَعْدَ أَبِي جَهْلٍ، وَلَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ فِي أَنَّهُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ، لَكِنْ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا بِالْقَافِ بَدَلَ الْمُثَنَّاةِ، وَهُوَ وَهْمٌ قَدِيمٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ سُفْيَانَ الرَّاوِي عَنْ مُسْلِمٍ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ شَيْخِ مُسْلِمٍ عَلَى الصَّوَابِ.

قَوْلُهُ: (وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ) فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ أَوْ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ شَكَّ شُعْبَةُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عُقَيْبَ رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ فِي الْجِهَادِ وَقَالَ: الصَّحِيحُ أُمَيَّةُ، لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَهُ هُنَاكَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ أَوْ مِنْ شَيْخِهِ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ إِذْ حَدَّثَهُ فَقَدْ رَوَاهُ شَيْخُهُ أَبُو بَكْرٍ فِي مُسْنَدِهِ فَقَالَ أُمَيَّةُ، وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ كَذَلِكَ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَأَطْبَقَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي عَلَى أَنَّ الْمَقْتُولَ بِبَدْرٍ أُمَيَّةُ، وَعَلَى أَنَّ أَخَاهُ أُبَيًّا قُتِلَ بِأُحُدٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي قَتْلُ أُمَيَّةَ بِبَدْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ نَحْفَظْهُ) وَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا بِالنُّونِ وَهِيَ لِلْجَمْعِ، وَفِي غَيْرِهَا بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: فَاعِلُ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ أَوِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَفَاعِلُ فَلَمْ نَحْفَظْهُ ابْنُ مَسْعُودٍ أَوْ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، قُلْتُ: وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ تَهَيَّأَ لَهُ الْجَزْمُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَاعِلَ فَلَمْ نَحْفَظْهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَلَفْظُهُ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَنَسِيتُ السَّابِعَ، وَعَلَى هَذَا فَفَاعِلُ عَدَّ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، عَلَى أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ قَدْ تَذَكَّرَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَسَمَّاهُ عُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ، كَذَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ، عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَسَمَاعُ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي غَايَةِ الْإِتْقَانِ لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ ; لِأَنَّهُ جَدُّهُ، وَكَانَ خِصِّيصًا بِهِ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: مَا فَاتَنِي الَّذِي فَاتَنِي مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَّا اتِّكَالًا عَلَى إِسْرَائِيلَ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَأْتِي بِهِ أَتَمَّ.

وَعَنْ إِسْرَائِيلَ قَالَ: كُنْتُ أَحْفَظُ حَدِيثَ أَبِي إِسْحَاقَ كَمَا أَحْفَظُ سُورَةَ الْحَمْدِ، وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ عَدَّ عُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ فِي الْمَذْكُورِينَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ بِبَدْرٍ بَلْ ذَكَرَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي أَنَّهُ مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَلَهُ قِصَّةٌ مَعَ النَّجَاشِيِّ إِذْ تَعَرَّضَ لِامْرَأَتِهِ فَأَمَرَ النَّجَاشِيُّ سَاحِرًا فَنَفَخَ فِي إِحْلِيلِ عُمَارَةَ مِنْ سِحْرِهِ عُقُوبَةً لَهُ فَتَوَحَّشَ وَصَارَ مَعَ الْبَهَائِمِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَقِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ. وَالْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي أَنَّهُ رَآهُمْ صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْثَرِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ لَمْ يُطْرَحْ فِي الْقَلِيبِ وَإِنَّمَا قُتِلَ صَبْرًا بَعْدَ أَنْ رَحَلُوا عَنْ بَدْرٍ مَرْحَلَةً، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ لَمْ يُطْرَحْ فِي الْقَلِيبِ كَمَا هُوَ بَلْ