للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُنْقَلُ من صَالَبٍ إلى رَحِمٍ … إذا مضى عالَمٌ بَدَا طَبَقُ (١)

حتى احْتَوى بَيْتُكَ المُهَيْمنُ من … خِنْدِفَ علياءَ تحتها النُّطُقُ (٢)

وأنتَ لما وُلِدْتَ أشرقَتِ الْـ … أرْضُ وضاءَتْ بنورِكَ الأُفُقُ (٣)

فنحن في ذلك الضِّياءَ وفي الْـ … ـنُورِ وسُبْلَ الرشادِ نَخْتَرِقُ (٤)

وقد رُوي هذا الشعر لحسان بن ثابت؛ فروى الحافظُ أبو القاسم بن عساكر (٥) من طريق أبي الحسن بن أبي الحديد، أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر، أخبرنا عبد السلام بن أحمد بن محمد (٦) القرشي، حدّثنا أبو حَصِين محمد بن إسماعيل بن محمد التميمي، حدّثنا محمد بن عبد الله الزاهد الخراساني، حدّثني إسحاق بن إبراهيم بن بَيَان (٧)، حدثنا سلَّام بن سليمان أبو العباس المكفوف المدائني، حدّثنا ورقاء بن عمر، عن ابن أبي نَجِيح، عن عطاء ومجاهد، عن ابن عباس قال: سألتُ رسول الله فقلت: فداك أبي وأمي، أين كنتَ وآدم في الجنة؟ قال: فتبسَّم حتى بَدَتْ نواجذه ثم قال: "كنت في صُلْبه ورُكِبَ بي السفينة في صُلْب أبي -نوح- وقُذِف بي في صلب أبي إبراهيم، لم يلتقِ أبوايَ على سفاحٍ قطّ، لم يزل الله ينقلُني من الأصلاب الحَسِيبة إلى الأرحام الطاهرة، صفتي مَهْدي، لا تتشعَّب شعبتان إلا كنتُ في خيرهما، وقد أخذ الله بالنبوَّة ميثاقي، وبالإسلام عهدي، ونشر في التوراةِ والإنجيلِ ذِكري، وبيَّن كلُّ نبيٍّ صفتي، تشرق الأرضُ بنوري، والغمامُ لوجهي وعلَّمني كتابه - ورُوي:


(١) أراد بالصالَب الصُّلْب. والطبق: القرن، أراد: إذا مضى قرن ظهر قرن. اللسان (صلب، طبق). والصالب: بفتح اللام، كذا ضبط في اللسان ضبط قلم، وفي القاموس وشرحه بكسرها ضبط قلم أيضًا وذكر محقق التاج أن الكسر ضبط التكملة أيضًا.
(٢) "النُّطق": جمع نطاق، وهي أوساط الجبال العالية، وهي أعراض من جبال بعضها فوق بعض، أي نواحٍ وأوساط منها، شبهت بالنطق التي يشد بها أوساط الناس؛ ضربه مثلًا له في ارتفاعه وتوسطه في عشيرته، وجعلهم تحته بمنزلة أوساط الجبال، وأراد ببيته شرفه. والمهيمن نعته؛ أي حتى احتوى شرفك الشاهد على فضلك أعلى مكان من نسب خندف. اللسان (نطق، همن). وخندف هي ليلى بنت حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وهي امرأة الياس بن مضر، خرجت تسرع، فقال لها إلياس: أين تخندفين؟ فسميت خندف، والخندفة ضرب من المشي. جمهرة ابن الكلبي (ص ٧٥، ٧٦).
(٣) أنت الأفق ذهابًا إلى الناحية؛ وضاءت لغة في أضاءت. اللسان (أفق).
(٤) رواية ابن عساكر: تخترق. وسكَّن الباء من "سبل" ليستقيم الوزن، وحقها الضم. وهذا من الضرائر الشعرية الضرائر (ص ١٧١).
(٥) في تاريخ ابن عساكر -السيرة النبوية- القسم الأول (ص ٢٠٧، ٢٠٨).
(٦) في ط: عبد السلام بن محمد بن أحمد، والمثبت من (ح) وتاريخ ابن عساكر.
(٧) في ط: سنان وهو خطأ، وفي تاريخ ابن عساكر: بُنان، وكذا في الإكمال (١/ ٣٦٤) وذكر محققه في الحاشية: وقيل ابن بيان، بفتح الموحدة تليها مثناة تحت مفتوحة مخففة. كما في التوضيح. وهو ما جاء في أصلنا (ح).