للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ست وخمسين وستمئة كما سيأتي بيانه إِن (١) شاء الله تعالى في موضعه واللّه أعلم.

[ثم دخلت] (٢) سنة ستمئة من الهجرة النبوية

في هذه السنة كانت الفرنج قد جمعوا (٣) خلقًا منهم ليستعيدوا بيت المقدس من أيدي المسلمين، فيما كانوا زاعمين، فأشغلهم الله [عن ذلك] (٤) بقتال الروم، وذلك أنهم اجتازوا في طريقهم بالقسطنطينية فوجدوا ملوكها قد اختلفوا فيما بينهم، فحاصروها حتى فتحوها قسرًا، وأباحوها ثلاثة أيام قتلًا وأسرًا، واحترق (٥) أكثر من ربع ريعها، وما أصبح أحد من الروم [بعد الثلاث] (٦) إِلا قتيلًا أو فقيرًا أو مكبولًا أو أسيرًا، ولجأ (٧) عامة من بقي منها (٨) إِلى كنيستها العظمى المسماة بسوفيا (٩)، فقصدها (١٠) الفرنج فخرج إِليهم القسوس (١١) بالأناجيل ليتوسلوا إِليهم، ويتلو ما فيها عليهم، فما التفتوا إِلى شيء مما [واجهوهم به] (١٢). بل قتلوهم أجمعين أكتعين أبصعين، وأخذوا ما كان في الكنيسة من الحلي والأذهاب والأموال التي لا تحصى ولا تعد، وأخذوا ما كان على الصلبان والحيطان، والحمد للّه الرحيم الرحمن الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ثم اقترع ملوك الفرنج، وكانوا ثلاثة وهم دوقس (١٣) البنادفة، وكان شيخًا أعمى يقاد فرسه، ومركيس الإفرنسيس وكنْد أفلند، وكان أكثرهم عَددًا وعُددًا، فخرجت القرعة له ثلاث مرات، فولّوه ملك القسطنطينية وأخذ الملكان الآخران بعض البلاد، وتحول الملك من الروم إِلى الفرنج بالقسطنطينية في هذه السنة ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [آل عمران: ٢٦] ولم يبق بأيدي الروم هنالك إِلا ما وراء الخليج استحوذ عليه رجل منهم يقال له (١٤) لشكري، لم يزل مالكًا لتلك الناحية حتى توفي، لعنه الله.


(١) من هذه اللفظة إلى آخر السنة عن ط وحدها.
(٢) عن ب وحدها.
(٣) أ: جمع.
(٤) عن ط وحدها.
(٥) ط: وأحرقوا.
(٦): في هذه الأيام النلانة.
(٧) أ، ب: ونجا.
(٨) أ، ب: بها.
(٩) ب: يسوف، ط: أيا صوفيا، وفي تاريخ ابن العبري (١٣٥): أجيا سوفيا أي حكمة القدوس.
(١٠) ط: فقصدهم.
(١١) ط: القسيسون.
(١٢) ط: من ذلك.
(١٣) ط: دوقيس.
(١٤) ط: يشكري، وما هنا من ابن الأثير (٩/ ٢٦٤) وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>