للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال البخاري (١): حَدَّثَنَا بيانُ بن عمرو، حَدَّثَنَا النَّضْر، أنبأنا ابنُ عون، عن مجاهد، أنَّه سمعَ ابن عبَّاس، وذكروا له الدجَّال بين عينيْه [مكتوب] كافر، أو (ك ف ر). فقال: لم أسمعْه، ولكنَّه قال : "أما إبراهيمُ: فانظروا إلى صاحبكم. وأما موسى: فجَعْدٌ آدمُ، على جَملٍ أحمرَ مَخْطومٌ بخُلْبةٍ (٢)، كأني أنظرُ إليه انحدرَ في الوادي".

وهكذا رواه البخاريُّ أيضًا في كتاب الحج (٣) وفي اللباس، ومسلم، جميعًا: عن محمد بن المثنى، عن ابن أبي عديّ، عن عبد اللّه بن عون به.

* * *

[ذكر وفاة إبراهيم، وما قيل في عمره]

ذكرَ ابنُ جرير في تاريخه (٤): أن مولدَه كان في زمن النمرود بن كنعان، وهو فيما قيل: الضَّحَّاك المَلِكُ المشهورُ الذي يُقال: إنه مَلكَ ألف سنة، وكان في غاية الغشم والظلم.

وذكرَ بعضُهم أنه من بني راسب الذين بُعثَ إليهم نوحٌ ، وأنه كان إذ ذاكَ مَلكَ الدنيا.

وذكروا أنه طلعَ نجمٌ أخفى ضوءَ الشمس والقمر، فهالَ ذلك أهلَ ذلك الزمان، وفزع النمرودُ، فجمعَ الكهنةَ والمُنجِّمينَ وسألَهم عن ذلك، فقالوا: يُولد مولود في رَعيَّتكَ يكونُ زوالُ مُلْككَ على يديْه، فأمرَ عند ذلك بمنع الرجال عن النساء، وأن يُقتَلَ المولودون من ذلك الحين، فكان مولدُ إبراهيم الخليل في ذلك الحين، فحماه اللّه ﷿ وصانَه عن كيد الفُجَّار، وشبَّ شبابًا باهرًا، وأنبته اللّه نباتًا حسنًا، حتى كان من أمره ما تقدَّم، وكان مولدُه بالسوس، وقيل: ببابلَ، وقيل: بالسواد من ناحية كُوْثى (٥). وتقدَّم عن ابن عباس أنه وُلدَ ببرزةَ شرقيّ دمشق.

فلما أهلك اللّه نمرودَ على يديْه وهاجرَ إلى حرَّان، ثم إلى أرض الشام، وأقام ببلاد إيليا كما ذكرنا، ووُلد له إسماعيل وإسحاق، وماتت سارَة قبلَه بقرية حَبْرُون التي في أرض كنعان، ولها من العمر مئة


(١) في صحيحه (٣٣٥٥) في الأنبياء.
(٢) الخُلْبَةُ: الليف.
(٣) البخاري (١٥٥٥) في الحج و (٥٩١٣) في اللباس، ومسلم (١٦٦) (٢٧٠) في الإيمان.
(٤) انظر تاريخ ابن جرير الطبري (١/ ٢٣٣).
(٥) "كُوثى": قال ياقوت: كوثى العراق: كوثيان؛ أحدهما كوثى الطريق، والآخر كوثى رَبَّى، وبها مشهد إبراهيم الخليل ، وبها مولده، وهما من أرض بابل، وبها طُرحَ إبراهيم في النار، وهما ناحيتان. معجم البلدان (٤/ ٤٨٧).