للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذي الحِجَّة منها قبل قاضي القضاة أبو محمد بن معروف شهادة الحافظ أبي الحسن الدَّارَقُطْني، وأبي محمد بن عقبة، فذكر أنَّ الدارقطني نَدِمَ على ذلك وقال: كان يقبل قولي على رسول اللَّه وَحْدي، فصار لا يقبل قولي على بَقْلي إلا مع غيري. فلا حول ولا قوة (١) إلا باللَّه العلي العظيم.

[ثم دخلت سنة سبع وسبعين وثلاثمئة]

في صفر منها عقد مجلس بحضرة الخليفة فيه القضاة وأعيان الدَّوْلة، وجُدِّدت البيعة بين الطائع للَّه وبين شرف الدولة بن عضد الدولة، وكان يومًا مشهودًا.

ثم في ربيع الأول منها ركب شرف الدولة من داره في طيَّار إلى دار الخليفة، وزينت البلد، وضربت [البوقات و] (٢) الطُّبول والدَّبادب، فخلع عليه الخليفة وطوَّقه وسوَّره، وأعطاه لواءين، وعقد له على ما وراء داره، واستخلفه على ذلك، وكان في جملة من قَدِمَ مع شرف الدولة القاضي أبو محمد عبيد اللَّه بن أحمد بن معروف، فلما رآه الخليفة قال:

مَرْحَبًا بالأحِبَّةِ القَادِمِيْنا … أوْحَشُونا وطال ما آنسُونا

فقبَّل الأرض بين يدي الخليفة. ولما قُضِيَت البيعة دخل شرف الدولة إلى عند أخته امرأة الخليفة، فمكث عندها إلى العصر، والنَّاس ينتظرونه، ثم خرج، وسار إلى داره للتهنئة، وجاءه الخاصة والعامة يهنونه.

وفي هذه السنة اشتدَّ الغلاء جدًا، ثم لحقه فناء كثير.

وفيها توفيت أم شرف الدولة -وكانت تركية أم ولد- فجاءه الخليفة فعزَّاه.

وفيها ولد لشرف الدولة ابنان توأمان، فهني بهما معًا (٣)، واللَّه أعلم.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

أحمد بن الحسين بن علي: أبو حامد المَرْوزي، ويعرف بابن الطَّبري.

كان حافظًا للحديث، مجتهدًا في العبادة، متقنًا بصيرًا بالأثر، متفننًا فقيهًا حنفيًا، دَرَس على أبي الحسن الكَرْخِي (٤)، وصنَّف كتبًا في الفِقْه والتَّاريخ، وولِّي قضاء القضاة بخراسان، ثم دخل بغداد وقد عَلَتْ سِنُّه، فحدَّث بها، وكتب النَّاس عنه بانتخاب الدَّارَقُطْني.


(١) انظر المنتظم (٧/ ١٣١ - ١٣٢).
(٢) ما بين حاصرتين من (ط).
(٣) انظر المنتظم (٧/ ١٣٥ - ١٣٦).
(٤) في (ط): أبي الحسين، وهو تصحيف، وقد سلفت ترجمته في وفيات سنة (٣٤٠ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>