إنَّ الحمد للَّه نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
من يهده اللَّه فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد: فهذا هو الجزء الأخير من كتاب "البداية والنهاية" للحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير البُصروي الدمشقي المتوفى سنة (٧٧٤ هـ)﵀، ذكر فيه ما يكون في نهاية الزمان من ملاحم وفتن وأحداث، وهي من علامات قيام الساعة، فذكر ما يقع من الفتن جملة ثم فصَّلها، كافتراق الأمم، وما يحدث من الشرور في هذه الأمة في آخر الزمان، وظهور المهدي المنتظر، وهو (محمد بن عبد اللَّه) الذي يواطئ اسمه اسم النبي ﷺ، واسمُ أبيه اسم أبي النبي ﷺ، وبين بأنه يكون من أولاد فاطمة ﵂، بنت رسول اللَّه ﷺ، وهو رجل من علماء الأمة الإسلامية، ليس نبيًا ولا رسولًا، ولكنه مؤمن عالم يدعو إلى ما دعا إليه نبينا محمد ﵊، يدعو إلى الإيمان، ويحارب الكفر والطغيان، وذكر بعض النصوص الواردة في ظهوره، وأنه من علامات الساعة الكبرى، وذكر أن من الفتن العظام خروج الدجال الأعور الكذاب الكافر الذي يدعو إلى الكفر والضلال، وذكر ما ورد من النصوص الصحيحة في حقه لعنه اللَّه، وأنه أيضًا من علامات الساعة الكبرى، كما ذكر كثيرًا من النصوص الواردة في حق نزول عيسى ﵇ من السماء، وأنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق، وهي نصوص صحيحة ومتواترة، وأنه يدعو إلى توحيد اللَّه تعالى والعمل بشريعة نبينا محمد ﵊، التي هي آخر الشرائع، وقد نسخت شريعته جميع الشرائع، ولا شريعة بعدها إلى يوم القيامة، فيقوم عيسى ابن مريم ﵇ في ذلك الزمان ومعه المهدي المنتظر، ويدعوان الناس إلى الإسلام، والعمل بالقرآن وشريعة النبي محمد ﵊ في كل مكان، ويلحق عيسى ابنُ مريم الدجالَ الكافر حتى يدركه بباب لُدٍّ في فلسطين فيقتله، وينتهي الناس من شره، ويسود الأمن والاستقرار في زمن عيسى ﵇، وينتشر الإسلام في كل مكان، ويتحقق قول اللَّه تعالى في القرآن ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣] فيعم الإسلام الأرض كلها، كما يتحقق قول نبينا محمد ﵊: "لَيَبْلُغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك اللَّه