للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلَّما زادَ رفعةً حَطَّنا اللَّهُ … بِتَفْضِيلِةِ (١) إِلى البهموتِ (٢)

وقد سرق فرّاشُه حياصة (٣) له فارادوا أن يستقروا الفرَّاش (٤) عليها، وكان قد رآه الأمير طاشتكين وهو (٥) ياخذها، فقال: لا تعاقبوا أحدًا فإنه أخذها من لا يردّها، ورآه حين أخذها من لا ينمُّ عليه، وقد كان بلغ (٦) من العمر تسعين سنة. واتفق أنه استأجر أرضًا مدة ثلاثمئة سنة للوقف، فقال فيه بعض المضحكين: هذا لا يوقن بالموت، عمره تسعون سنة، واستأجر أرضًا ثلاثمئة سنة، فاستضحك القوم، والله أعلم.

[ثم دخلت سنة ثلاث وستمئة]

فيها جرت أمور طويلة [ببلاد] المشرق (٧) بين الغورية والخوارزمية وملكهم خوارزم شاه بن تكش ببلاد الطالقان.

وفيها: ولَّى الخليفة الناصر قضاء القضاة ببغداد لعماد الدين أبي القاسم عبد الله (٨) بن الدامغاني.

وفيها: قبض الخليفة على عبد السلام بن عبد الوهاب ابن الشيخ عبد القادر الجيلاني، بسبب فسقه وفجوره، وأُحرقت كتبه وأمواله قبل ذلك لما فيها من كتب الفلاسفة، وعلوم الأوائل، وأصبح يستعطي بين الناس، وهذا بخطيئة قيامه على أبي الفرج بن الجوزي؛ فإنَّه هو الذي كان وَشَى به إِلى الوزير ابن القَصَّاب حتى أُحرقت بعضُ كتب ابن الجوزي، وخُتم على بقيتها، ونُفي إِلى واسط خمس سنين كما [تقدم بيان ذلك] (٩)، والناس يقولون: في الله كفايةٌ، وفي القرآن: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠]، والصوفية يقولون: الطريقُ يأخذ [حقها]. والأطباء يقولون: الطبيعةُ مكافئةٌ.

وفيها: نازلت الفرنجُ حمصَ فقاتلهم ملكُها أسدُ الدين شيركوه [بن ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه الكبير] وأعانه بالمدد الملك الظاهر صاحب حلب فكفَّ اللّه شرهم.


(١) ط: بتفيله؛ وهو تحريف.
(٢) في فوات الوفيات: اليهموت.
(٣) ط: حياجبة؛ والحياصة -والأصل حواصة- سيرٌ نشُدُّ به حزام السرج. القاموس: (حوص).
(٤) ط: مستقردة.
(٥) ب: قال أخذها من لا يردها، وفي ط: حين أخذها لا تعاقبوا أحدًا قد أخذها.
(٦) أ وب: وكان قد بلغ.
(٧) ط: طويلة بالمشرق.
(٨) ط: ولى الخليفة القفاء ببغداد لعبد الله.
(٩) عن ب وحدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>