للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخبرني أبو بكر الصديق أن رسول اللَّه قال: "من يعمل سوءًا يجز به" (١).

وروى سفيان عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال: ذكرت ابن الزبير عند ابن عباس قال: كان عفيفًا في الإسلام، قارئًا للقرآن، صوامًا قوامًا، أبوه الزبير، وأمه أسماء، وجده أبو بكر، وعمته خديجة، وجدته صفية، وخالته عائشة، واللَّه لأحاسبن له بنفسي محاسبة لم أحاسبها لأبي بكر ولا لعمر. وقال الطبراني: حدثنا زكريا الناجي، ثنا حوثرة بن محمد، ثنا أبو أسامة، ثنا سعيد بن المرزبان، أبو سعيد العبسي، ثنا محمد بن عبد اللَّه الثقفي قال: شهدت خطبة ابن الزبير بالموسم خرج علينا قبل التروية بيوم وهو محرم فلبى بأحسن تلبية سمعتها قط، ثم حمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنكم جئتم من آفاق شتى وفودًا إلى اللَّه ﷿، فحق على اللَّه أن يكرم وفده، فمن كان منكم يطلب ما عند اللَّه فإن طالب ما عند اللَّه لا يخيب فصدقوا قولكم بفعل، فإن ملاك القول الفعل، والنية النية، والقلوب القلوب، اللَّه اللَّه في أيامكم هذه، فإنها أيام تغفر فيها الذنوب، جئتم من آفاق شتى في غير تجارة ولا طلب مال ولا دنيا ترجونها هاهنا، ثم لبى ولبى الناس، فما رأيت باكيًا أكثر من يومئذ. وروى الحسن بن سفيان قال: حدَّثنا حيان بن موسى حدَّثنا عبد اللَّه بن المبارك، حدَّثنا مالك بن أنس، عن وهب بن كيسان قال: كتب إليّ عبد اللَّه بن الزبير بموعظة: أما بعد فإن لأهل التقوى علامات يُعرفون بها ويعرفونها من أنفسهم، صدق الحديث، وأداء الأمانة، وكظم الغيظ، وصبر على البلاء ورضى بالقضاء، وشكر للنعماء، وذل لحكم القرآن، وإنما الأيام كالسوق ما نفق فيها حمل إليها، إن نفق الحق عنده حمل إليه وجاءه أهله. وإن نفق الباطل عنده حمل إليه وجاءه أهله.

وقال أبو معاوية: حدَّثنا هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان قال: ما رأيت ابن الزبير يعطي سلمه قط لرغبة ولا لرهبة سلطان ولا غيره. وبهذه الإسنادات أهل الشام كانوا يعيِّرون ابن الزبير ويقولون له: يا بن ذات النطاقين. فقالت له أسماء: يا بني إنهم يعيِّرونك بالنطاقين وإنما كان لي نطاق واحد شققته نصفين فجعلت في سفرة رسول اللَّه أحدهما وأوكيت قربته بالآخر لما خرج هو وأبو بكر يريدان الهجرة إلى المدينة. فكان ابن الزبير بعد ذلك إذا عيَّروه بالنطاقين يقول: إنها واللَّه تلك شكاة ظاهر عنك عارها، واللَّه أعلم.

[وممن قتل مع ابن الزبير في سنة ثلاث وسبعين بمكة من الأعيان]

عبد اللَّه بن صفوان (٢) بن أمية بن خلف الجمحي أبو صفوان المكي، وكان أكبر ولد أبيه، أدرك حياة النبي وروى عن عمر وجماعة من الصحابة، وحدَّث عنه خلق من التابعين، وكان سيدًا شريفًا مطاعًا


(١) رواه أحمد في المسند (١/ ٦) والحاكم (٣/ ٥٥٣) من حديث أبي بكر، وله شاهد من حديث عائشة رواه الحاكم (٢/ ٣٠٨)، والمرفوع منه حسن بطرقه وشواهده.
(٢) ترجمة - عبد اللَّه بن صفوان - في طبقات ابن سعد (٧/ ٢١٢) وتاريخ خليفة (٢٨٦) وتاريخ البخاري (٥/ ١١٨) =