للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد رواه الإمام أحمد، ومسلمٌ، وأبو داود، والنسائيُّ (١) من حديث سعيد بن أبي عروبة -زاد مسلمٌ: وشعبة- والترمذيُّ (٢) من حديث همام بن يحيى، ثلاثتهم عن قتادة، عن أبي الخليل، عن أبي علقمة الهاشميِّ، عن أبي سعيدٍ أن أصحاب رسول الله أصابوا سبايا يوم أوطاسٍ لهن أزواجٌ من أهل الشرك، فكان أناسٌ من أصحاب رسول الله كفٌّوا وتأثَّموا من غشيانهن، فنزلت هذه الآية في ذلك: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾.

وهذا لفظ أحمد بن حنبلٍ، فزاد في هذا الإسناد أبا علقمة الهاشميَّ، وهو ثقةٌ، وكأن هذا هو المحفوظ. والله أعلم.

وقد استدل جماعةٌ من السلف بهذه الآية الكريمة على أن بيع الأمة طلاقها. روي ذلك عن ابن مسعودٍ، وأُبيِّ بن كعبٍ، وجابر بن عبد الله، وابن عباسٍ، وسعيد بن المسيَّب، والحسن البصريِّ، وخالفهم الجمهور مستدلين بحديث بَرِيرة، حيث بيعت ثم خيِّرت في فسخ نكاحها أو بقائه، فلو كان بيعها طلاقًا لها لما خيِّرت، وقد تقصَّينا الكلام على ذلك في "التفسير" بما فيه كفايةٌ، وسنذكره إن شاء الله في "الأحكام الكبير". وقد استدل جماعةٌ من السلف على إباحة الأمة المشركة بهذا الحديث في سبايا أوطاسٍ، وخالفهم الجمهور، وقالوا: هذه قضية عَينٍ، فلعلهن أسلمن أو كنَّ كتابياتٍ، وموضع تقرير ذلك في "الأحكام الكبير" إن شاء الله تعالى.

* * *

فصل: فيمن استشهد يوم حنينٍ وسرية أوطاسٍ

أيمن ابن أمِّ أيمن مولى رسول الله ، وهو أيمن بن عُبيدٍ (٣)، ويزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسدٍ (٤)؛ جمح به فرسه الذي يقال له: الجناح. فمات، وسُرَاقَة بن مالك بن الحارث بن


(١) رواه أحمد في "المسند" (٣/ ٨٤) ومسلم رقم (١٤٥٦) (٣٣) و (٣٤) وأبو داود رقم (٢١٥٥) والنسائي رقم (٣٣٣٣).
(٢) رواه الترمذي رقم (٣٠١٦)، وهو حديث صحيح.
(٣) انظر ترجمته في "الإصابة" (١/ ٩٢).
(٤) انظر ترجمته في "الإصابة" (٣/ ٦٥٥).