للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معه من المسلمين ثلاثمئة رجل، ودليله حُسَيل بن نُويرة، وهو الذي كان دليلَ النبيِّ [إلى خَيبر]. قاله الواقديُّ (١).

* * *

سَرِيَّة أبي حَدْرَدٍ إلى الغَابَةِ

قال يونس، عن محمد بن إسحاق (٢): كان من حديث قصة أبي حدرد وغزوته إلى الغابة ما حدَّثني جعفر بن عبد الله بن أسلم، عن أبي حدرد قال: تزوَّجت امرأة من قومي فأصدقتها مئتي درهم. قال: فأتيت رسول الله أستعينه على نكاحي، فقال: "كم أصدقت؟ " فقلت: مئتي درهم. فقال: "سُبْحَان الله! والله لو كنتم تأخذونها من واب ما وادٍ، والله ما عندي ما أُعينك به". فلبثت أيامًا، ثم أقبل رجل من جشم بن معاوية يقال له: رفاعة بن قيس، أو قيس بن رفاعة. في بطن عظيم من جُشَم، حتى نزل بقومه ومن معه بالغابة، يريد أن يجمع قيسًا على محاربة رسول الله ، وكان ذا اسم وشرف في جشم. قال: فدعاني رسول الله ورجلين من المسلمين فقال: "اخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم". وقدَّم لنا شارِفًا عجفاء، فحمل عليها أحدنا، فوالله ما قامت به ضعفًا، حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم، حتى استقلت وما كادت، وقال: "تبلَّغوا على هذه". فخرجنا ومعنا سلاحنا من النَّبل والسيوف، حتى إذا جئنا قريبًا من الحاضر مع غروب الشمس، فكمنت في ناحية، وأمرت صاحبيَّ فكمنا في ناحية أخرى من حاضر القوم، وقلت لهما: إذا سمعتماني قد كبَّرت وشددت في العسكر فكبِّرا وشدَّا معي. فوالله إنا لكذلك ننتظر أن نرى غرَّة أو نرى شيئًا، وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء، وقد كان لهم راع قد سرَّح في ذلك البلد، فأبطأ عليهم وتخوَّفوا عليه، فقام صاحبهم رفاعة بن قيس، فأخذ سيفه فجعله في عنقه فقال: والله لأتيقَّننَّ أمر راعينا، ولقد أصابه شرٌّ. فقال نفر ممَّن معه: والله لا تذهب، نحن نكفيك. فقال: لا يذهب إلا أنا. قالوا: فنحن معك. فقال: والله لا يتبعني منكم أحد. وخرج حتى يمرُّ بي، فلمَّا أمكنني نفحته بسهم، فوضعته في فؤاده، فوالله ما تكلَّم، فوثبت إليه فاحتززت رأسه، ثم شددت ناحية العسكر وكبَّرت، وشدَّ صاحباي وكبَّرا، فوالله ما كان إلا النَّجاءُ ممَّن كان [فيه] عندك [عندك] (٣)، بكلِّ ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم وما خفَّ معهم من أموالهم، واستَقنا إبلًا عظيمة وغنمًا كثيرة، فجئنا بها إلى رسول الله ، وجئت برأسه أحمله معي، فأعطاني من تلك الإبل ثلاثة عشر بعيرًا في صداقي، فجمعت إليَّ أهلي.


(١) انظر "المغازي" (٢/ ٧٢٧).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٦٢٩).
(٣) قال أبو ذرّ الخشني في "شرح غريب السيرة النبوية" (٣/ ١٧٤): "عندك عندك، كلمتان بمعنى الإغراء".