للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْبُغَا اليَحْيَاوي (١)، الذي كان نائب الشام، وبنته اليوم زوجة السلطان، قدم متسلِّمه إلى دمشق يوم الخميس سلخ الشهر فنزل في دار السعادة (٢)، وراح القضاة والأعيان للسلام عليه والتودُّد إليه، وحملت إليه الضيافات والتقادم، انتهى واللَّه أعلم.

كائنة وقعت بقرية حوران فأوقع اللَّه بهم بأسًا شديدًا في هذا الشهر الشريف

وذلك أنهم أشهر أهل قرية بحَوْران وهي خاص لنائب الشام وهم حلبية يمن ويقال لهم: بنو لبسة وبنو ناشي وهي حصينة منيعة يضوي إليها كل مفسد وقاطع ومارق، ولجأ إليهم أحد شياطين رويمن العشير وهو عمر المعروف بالدُّنَيْط (٣)، فأعدُّوا عددًا كثيرة ونهبوا ليغنموا العشير، وفي هذا الحين بدرهم والي الولاة المعروف بشنكل منكل، فجاء إليهم ليردَّهم ويهديهم؛ وطلب منهم عمر الدنيط فأبَوْا عليه وراموا مقاتلته، وهم جمعٌ كثير وجمٌّ غفير، فتأخَّر عنهم وكتب إلى نائب السلطنة ليمدَّه بجيش عونًا له عليهم وعلى أمثالهم، فجهز له جماعة من أمراء الطبلخانات والعشراوات ومئة من جند الحلقة الرماة، فلما بغتهم في بلدهم تجمعوا لقتال العسكر ورمَوْه بالحجارة والمقاليع، وحجزوا بينهم وبين البلد، فعند ذلك رمتهم الأتراك بالنبال من كل جانب، فقتلوا منهم فوق المئة، ففروا على أعقابهم، وأسر منهم والي الولاة نحوًا من ستين رجلًا وأمر بقطع رؤوس القتلى وتعليقها في أعناق هؤلاء الأسارى، ونُهبت بيوت الفلاحين كلِهم، وسُلمت إلى مماليك نائب السلطنة لم يفقد منها ما يساوي ثلاثمئة درهم. وكرَّ راجعًا إلى بُصرى وشيوخ العشيرات معه، فأخبر ابن الأمير صلاح الدين بن خاص ترك، وكان من جملة أمراء الطبلخانات الذين قاتلوهم بمبسوط ما يخصُّه، وأنه كان إذا أعيا بعض تلك الأسرى من الجرحى، أمر المشاعلي بذبحه وتعليق رأسه على بقية الأسرى، وفَعل هذا بهم غير مرة حتى أنَّه قطع رأس شاب منهم وعلق رأسه على أبيه، شيخ كبير، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون، حتى قدم بهم بُصْرى، فشنكل طائفة من أولئك المأسورين، وشنكل آخرين، ووسّط الآخرين وحبَس بعضهم في القلعة، وعلَّق الرؤوس على أخشاب نصبها حول قلعة بُصْرى، فحصل بذلك تنكيل شديد لم يقع مثله في هذا الأوان بأهل حوران، وهذا كله سُلّط عليهم بما كسبت أيديهم وما ربك بظلام للعبيد، وكذلك نُوَلِّي بعض الظالمين بعضًا بما كانوا يكسبون، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون. انتهى.


(١) في ط: البحناوي وهو تحريف. ويعرف: بأسَنْدَمر الزَّيني.
(٢) الذيل ص (٣٢٤) وفيه: دخلها يوم الإثنين حادي عشر شعبان.
(٣) الذيل التام للسخاوي (١/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>